ماهر سلامة –
الاول نيوز – من أكثر ظواهر الفشل افتراسا لنا، هي ظاهرة الارتكاز على نقاط ضعفنا والانطلاق منها لمواجهة العالم.
– عادة ما تحوي نقاط ضعفنا سلبياتنا وعقدنا وكل قماماتنا الشخصية الداخلية التي لم ننجح في التصالح معها، وفهمها ودراستها واستنباط الخبرة منها، حيث تصبح مخزنا كبيرا مليئًا بالغبار يعوق حركتنا، لاْننا ننهل منه الإجابات الجاهزة المعلبة لسهولة التعامل معها، كما أنها تجعلنا مقبولين من الجهلة والاْميين أصحاب الخزانات السلبية.
– طبعًا هذا لا يعني أننا لا نملك مخزنا لإيجابياتنا، فهو أيضا كبير وكبير جدا.
المشكلة الحقيقية أن البيئة التي نعيش بها، هي ما تحدد في الاْغلب من أي خزان ننهل.
– إضافة للبيئة هناك عامل فعال ذو سطوة إيجابية إن تحقق، فإذا ما عاصرت يوما قدوة في حياتك وتأثرت بها، سواء من داخل الاْسرة، أو من خارجها، فأنت محظوظ جدا، فالقدوة لها فعل السحر فينا. سيقول أحدهم: أبي كان قدوة لكل الناس إلا أنا، في الحقيقة قد يكون الاْب قدوة خارج أسرته، وقد يكون قدوة داخل أسرته، لكن القدوات في الاْغلب هم من خارج الاْسرة.
– قد يكون القدوة أستاذ المدرسة، أو أب صديقك، أو أم صديقتك، قد يكون الصديق نفسه، فالصديق الثمين قد يعطيك المفتاح فتنطلق، قد يقول لك كلمة، أو قصة، قد يدلك إلى كتاب، أو قد ينصح لك بمشاهدة فيلمٍ سينمي يفتح لك طريقا من دون أن تدري.
– هنا نتكلم عن مقدار البحث للإجابة عن الاْسئلة الحائرة في البال، التي نبحث لها عن إجابات شبه شافية، فدائرة البحث عن الإجابات الحائرة لن تتوقف، ليصبح البحث منهج حياة، وتخرج من دائرة السطحية.
النهج التدويري أو البحثي عن الإجابات هو الذي يحدد الخزان الذي ستذهب للبحث فيه عن إجابات. فإن كنت سطحيا ستذهب الى الحاوية الداخلية، لتنتقي إجابات جاهزة حدثت معك قديما، أو إجابات سمعتها من آخرين فتقلدها، أو تنهل من المواقف السلبية وتنتقي منها ما تشاء لتحمي نفسك، أو لتثبت وجودك، أو لتبرر أخطاءك، وذلك بدلا من الذهاب لنقاط قوتك مهما كانت باعتقادك بسيطة، وأهمها احترامك لنفسك وعقلك وللآخرين من حولك.
– في الحالتين الخزانات تمتلئ، فالاْحزان والصعوبات تغذي باستمرار الحاوية الداخلية المليئة بنقاط الضعف، والقراءة والبحث والمعرفة والانغماس في الفنون ستجعل خزان النقاط الايجابية يمتلئ أكثر بنقاط القوة.
– ليس هناك من أحد لا توجد لديه نقاط قوة، لكن استسهال اللجوء الى الحاوية والتعود على ذلك يهمل نقاط قوتنا، فنذهب الى اجترار أفكار قديمة، أو نذهب الى التظاهر أو الى تقليد الآخرين.
– لكن علينا باستمرار تفريغ الحاوية مثلما نفرغ سلة قمامة الكمبيوتر، ففي تقوية نقاط القوة حسب ما ذكرنا تطير كثير من الاْفكار التي تحويها الحاوية، وفي تقوية نقاط القوة نكون قادرين على معالجة بعض الاْفكار المستعصية في داخل الحاوية، كما أن تقوية نقاط القوة تزيدنا ثقة للتصالح والتسامح مع أحداث قديمة آلمتنا وبقيت مخبّئة في الحاوية.
– كنزنا في خزان نقاط قوتنا، في معرفتنا، في مهاراتنا، في بحثنا، لذا لا تنشغل بمعالجة نقاط ضعفك الآن، بل ابذل الجهد لتقوية نقاط قوتك، لتحاصر نقاط ضعفك وتقويها. كنزك هو نقاط قوتك، ففيه يقبع مبدأ لا يصح إلا الصحيح.
– عزز وجودك بالابتعاد عن كل الاْجواء الهابطة بالثقة، فالتعصب وإطلاق الاْحكام، والمادية القاتلة لن توصلنا إلى مكان، أما البيئة المعززة بالسلام الروحي، والاْمان العاطفي، ورجاحة الفكر لهي الكنز الاْكبر.
– وهنا استقطع مقطع من تغريدة لباراك أوباما يسوّق بها كتابه حيث قال ” آمل أن تلهمك فكرة لترى نفسك تلعب دوراً في تشكيل عالم أفضل”.، وأنا آمل ذلك من قراءة هذا المقال المتواضع أيضا.