تدريس الفلسفة كتفكير تطبيقي قيمي منتج

إشكالية تناولها وإعدادها وتقديمها للطلبة كمنهج للتطبيق لا للتسميع

 

ماهر سلامة –

الأول نيوز  – حتى نخرج من سذاجة المثالية، لعل من أخطر ما قرأت وتعلمت حول التفكير والدراسة والتدريب هو كيف تتعلم وتنسى في وقت واحد، تتعلم النص وتتعلم تطبيقه وتمارسه بعد تحويله الى استنتاجات ديناميكية وأمثلة يومية نشطة، وتنساه كقالب جامد.

بمعنى أنك قد تتعلم ماذا قال أفلاطون وغيره في الفلسفة مثلا، ولكن ماذا يفيد أن تحفظ ما قاله أفلاطون من دون معرفة تطبيقه في حياتك اليومية. التمسك بالنص والسعي إلى حفظه لا فهمه، يوقعنا في المثالية التي أنهكتنا وأدخلتنا في دوامة التسميع والتكرار الذي لن يعلم المجتهدون الذين نسعى للحصول عليهم .

حتى لا تعلق بالنص الابتدائي.. وتنسى التطبيق مبدأ تعلم  يعني أن تتعلم فكرة النص، ساعيا إلى تطبيقه في مناحي الحياة اليومية ليصبح جزءا من طريقة تفكيرك، إلى درجة ينسيك الارتباط بقوالب النص الأصلي. كما أنه يعني أنك قادر على استنباط وابتكار نصوص يومية جديدة تساعدك على تطوير حياتك الداخلية والخارجية، سواء في العمل أو في البيت.

من دون فلسفة ومنهجية يومية لحياتك اليومية الداخلية حول الحب والزواج وتربية الاْطفال وتعلم مواجهة صعوباتها وكبواتها ونجاحاتها لن تتمكن من خوض حرب الحياة الخارجية في العمل والانتاج والكفاح من أجل الارتقاء المعيشي. هذه تجربة المجتمعات المتطورة، بعد أن يتحول البشر إلى قيمة إنسانية عندها فقط تصبح قادرة وضع نفسها على خريطة الكرامة العالمية.

تعلُّم تأريخ ارتقاء التفكير هو أساس تدريس تأريخ الفلسفة بحد ذاته وهو تعلُّم سيرورة تطور التفكير لدى الإنسان، ابتداء من تصور وإدراك هواجس الإنسان الاْول إلى الآن، حيث ارتقى الإنسان من محاولات النجاة من الموت والخوف الى الابتكار لإطالة عمر الإنسان كإنجاز. إن تحول حضور الإنسان  اعتمد كثيرا على طريقة إعداد المنهج وتناوله، بمعنى إن كان المنهج يهدف الى تدريس الفلسفة كأدب للتأريخ المقارن للفلسفة وتطوره، أو تلقين تأريخ الفلسفة كمادة حفظية وتسميعية.

الفلسفة التطبيقية هي مقدمة لثقافة علم النفس التطبيقي اليومي كثيرة هي المواد المنتشرة على الانترنت التي تتناول مفاهيم السعادة مثلا، وكثيرة هي التضاربات حول هذا المفهوم، وإن كان هناك دورٌ لتعلم الفلسفة في المدارس والجامعات، فهو دور يحضِّر هذه الاْجيال لفن التعامل مع مواضيع التنمية الذاتية بما فيها مفاهيم الإرادة وتطوير الخيال. الفلسفة التطبيقية أيضا هي كل ما نراه من فنون، فنون المغنى والسينما والتلفزيون واليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي. تدريس الفلسفة في هذه المرحلة يهدف الى إعداد أجيال للمستقبل بالقيم والمبادئ العلمية والإنسانية والاْخلاقية، فهذا ما يصيغ طرق التفكير الإبداعي كلها.

لا فلسفة مفيدة بلا علم اجتماع وبلا جراحة العلوم الإنسانية وتدخلها كتطبيقات عملية يومية.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

نظرة إلى صلابة المملكة وصمودها

الأول نيوز – الدكتور أحمد ناصر الطهاروه – لطالما كان الأردن، هذه المملكة الهاشمية الصغيرة …