في وداع  عام 2020 ..لا أسف عليه!

الدكتورة سهام الخفش –

 

الأول نيوز – لا أحد ينكر أنه كان عاما صعبا، وأن بقاءنا شاهدين على أيامه الأخيرة إنجاز يستحق التقدير والحمد ..

ولقد علمنا أن السلامة في البعد ، والبيت هو المأوى، والأسْرة هي الإرث الأعلى ..وبرغم ذلك نقول لك ..

وداعا أيها الألم والوجع والفَقْد والحرمان ، لا نملك الأمل بالقابل  ولا نراهن على مستقبل واعدٍ يحمل لنا التفاؤل  ولا تزال انيابك لم تقلع بعد..

نعم ..أيام قليلة وسنودع عاما آخر من عمرنا ، عاما لا نعلم كيف مضى وكأننا في كابوس ، تارة عشنا بين الجدران وتارة كنا بين الأحزان ..ولا نعلم ما ستحمل لنا الايام  ..

جميع أمنياتنا  تحطمت ، وأحلامنا تناثرت بين صفحات أيامك ولياليك..

كيف لنا أن نستقبل عاما جديدا ، وما زال الجرح ينزف ، والدمع يُذرف ، والجوع نهش بطون البشر ..

كيف لنا أن نطوي صفحة  الحزن  ونمسح دمعة الالم ، كيف لنا أن نلقي همومنا ونفتح قلوبنا لاستقبال عام ليس أفضل مما سبق . 

كيف لنا أن نضيء الشموع ونقنع اطفالنا بالفرح ،

كيف لنا أن نغمض أعيُننا عن عالم عربي يعيش تحت ويلات الحروب والتشرد والفقر والقهر  ..عن حروب ونزاعات لا نعلم نهايتها .

 عام  نودعه غير قابل للتكرار ولن يعود  ، سيرحل ولم يستأذن  الرحيل ولم يتقدم بالاعتذار  ، سيرحل بساعاته ودقائقه  وأيامه ولياليه  ، سرق منا الأحبة، وحفر في قلوبنا ذكريات مؤلمةً ودمر ما تبقى من امل كدمار مرفأ بيروت  .

تواضعا  وخجلا هل بقي في جعبتك آلام أخرى وآهات تنوي ترحيلها لعام آخر  ..

في  هذا العام الحزين  دمر  المرفأ، وعاش الناس رمضانك على صوت البارود والمدفع ،  والفقر المدقع  ورائحة الموت هنا وهناك

 ونحن في عصر  نتغنى بحقوق الانسان والديمقراطية   نرى بطونا جائعة ، وأسرا تائهة ، وبيوتا شرد ساكنوها، وفسادا استشرى بين الحيتان وكبار الفاسدين، نرى   دولا كانت غنية بثرواتها ونفطها  أصبحت على شفا الهاوية ،  عاجزة عن تأمين لقمة عيش لأبنائها ..

إرحل..  بالله عليك أرحل واتينا بعام يجدد فينا الفرح،  فقد سئمنا الحزن والوجع .. وهل بقي لنا أمل ..

إرحل وخذ ذكرياتك الجريحة ، وهمومك الطريحة ..لم تعد قلوبنا الضعيفة تحتمل غدرك ..

إرحل …حانت لحظة الوداع ،.

إرحل …ولا تتردد،  وخذ معك امتعتك  وازماتك كافة، وفيروسك الصغير مجهول الهُوية الذي شل البشر والحجر ، وقزم الإنسان والإنسانية، وكل واحد منا تقوقع بعالمه الخاص الحزين ” يوم  يفر المرء من  أخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه ” 

إرحل بعدما تلقينا منك دروسا قاسية ، وعلمتنا أن الأجيال القادمة ستقود معارك طاحنة ، في ظل انهيار منظومة الأخلاق القيمية ،  وأن العلاقات الاجتماعية ستحل محلها التكنولوجيا والربوتات الذكية .. وتتجمل الرأسمالية المتوحشة وتتزين بالديمقراطية ..

” بالهيمنة والسيطرة وبالحروب البيولوجية ستنهك البشريةً، ضاربين  عُرض الحائط مواثيق  الشرف الدُّولية  ، لأجل النفط والدولار ، حاصروا الإنسانية  ومن يخرج عن الخط المرسوم فمصيره محتوم وملعون إلى يوم الدين ..أية شريعة غاب نعيش في هذا الزمن ،

” جلل مصابك يا بيروت يبكينا ..

يا أخت بغداد وعمان وصنعاء ودمشق ما يؤذيك يؤذينا..

يا جنة الشرق يا حسناء غانية ..قد كنت بالأمس موسيقا أغانينا ..

ومع هذا كله محكومون بالأمل لأجل الأمل ، لأجل المحبة لأجل السلام  ..كل عام وأنتم مع أمل يتجدد، بارتقاء الإنسانية .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

السادية في التعامل مع أهل غزة: حين يتحول الإيذاء إلى سياسة ممنهجة

الأول نيوز – [صلاح ابو هنود] مخرج و كاتب منذ ما يزيد على 17 عامًا، …