الاتفاقات الدستورية حلاً ناجزاً لكن مؤقتًا للعقدة التونسية

الدكتور أيمن سلامة-

الأول نيوز – تفاقمت  الأزمة  السياسية في تونس وتعددت أوجهها  السياسية و الدستورية و الاجتماعية ، ولا يستطيع أي خبير أن ينبئ بالمآل الذي ستصل إليه هذه الأزمة التي لم يحسب لها التونسيون أي حساب ، وصار النموذج الثوري التونسي نموذجا للإخفاق بفعل الحاكمين لا المحكومين ، واجتهد الكُثر في تأصيل العرض و لم يكابدوا مشقة البحث في  دواء المرض .

باختصار غير مخل ، قد يجد المُمسكون بمقاليد الأمور في البلد الخضراء ، ضالتهم فيما يسمي بالاتفاقيات الدستورية ، فحين تبرز ثغور دستورية غفلت عنها الوثيقة الدستورية لمجابهة مستجد طارئ ، وهنا ولحين إنشاء المحكمة الدستورية العليا في البلاد ، والمعطل إنشاؤها بفعل فاعل يحتكم الفاعلين السياسيين في البلاد إلي الاتفاقيات السياسية ، وهي قواعد ذات طبيعة سياسية غير  قانونية بحكم أنها مؤسسة علي رضي الفاعلين السياسيين ، وتروم هذه الاتفاقيات إلي تأسيس قواعد معينة لتطبيق  الدستور في لحظة تاريخية معينة كالتي تعيشها تونس الأن ، ويلتزم اللاعبون السياسيون باحترام هذه الاتفاقيات التي تضمن استمرار الدولة و لمرفق العام في تونس بعد أن أصبحت البلاد علي شفا حالة ” كسوف  الدولة ” .

ترمي  الاتفاقيات السياسية علي توافق الفاعلين السياسيين على قواعد تتجاوز الصمت الدستوري أو إيجاد حلول لإشكال وتقديم إجابات لمطالب لم يأخذها الدستور بعين الاعتبار لحظة صياغته ، بالرغم أن الوثيقة الدستورية  الحالية  في تونس هي الوثيقة الهجين التي اختيرت موادها من  أربعة مسودات دستورية مختلفة .

تكمن خطورة الاتفاقيات الدستورية في ذات الوقت حين يستند إليها بعضهم مستقبلا لتأويل دستوري مؤقت في حالات مماثلة أو مختلفة و يهدفون لتمتين هذه الاتفاقيات حتي ترقي لتصير عرفا دستوريا ملزما ، وهي في واقع الأمر مختلفة تماما عن الأعراف  الدستورية بالنظر لتأسيسها على رضي الفاعلين  السياسيين و ليس علي قوة ملزمة قانونا .

وختاماً ، ليس من المستبعد في  ظل  ذلك الاحتقان بل  الانسداد السياسي في تونس أن تشهد تونس تعديلا دستوريا عاجلاً من أجل إعادة النظر في محتوي النص الدستوري حتى يستجيب النص للتطورات السياسية غير المرتقبة ، وكما نصت على ذلك الفصول 120، و143، و144  من الدستوري  التونسي .

 

 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

نظرة إلى صلابة المملكة وصمودها

الأول نيوز – الدكتور أحمد ناصر الطهاروه – لطالما كان الأردن، هذه المملكة الهاشمية الصغيرة …