الباحث القانوني أشرف فؤاد ابو طالب ويسرى الدجاني –
الأول نيوز – بادئ ذي بدء الأصل في التعليم مهما كان نوعه خاضع لإشراف الوالدين في التأديب والتوجيه الدراسي سنداً لأحكام المادة (184) من قانون الأحوال الشخصية المشار إليه أعلاه في ظل استمرار الرابطة الزوجية وبعد انحلالها من حيث الأصل.
لكن الاشكالية القانونية الشرعية التي تبرز وتطفو على السطح في حال انحلت الرابطة الزوجية حيث يلجأ كل من الطليقين بمحاولة الإضرار بالآخر والانتقام منه من خلال فرض نوع التعليم على المحضون لكل منهما وفقاً للغاية التي تبدو في ظاهرها مشروعة وفي باطنها الكيد والإضرار بالآخر، فترى الأب وباعتباره ولياً يتوسل متمسكاً بحق الولاية وبدفوع تتلخص بعدم قدرته على دفع تكاليف التعليم في المدارس الخاصة من جهة ومن جهة أخرى ان نظامها التعليمي والتربوي يتماشى على النسق الغربي وخارج المنظومة الفكرية والأخلاقية لمجتمعنا ، وفي المقابل تدفع الأم بموجب حضانتها المقررة بالقانون بأن إخراج المحضون من التعليم الخاص إلى التعليم الحكومي يضر بالمحضون وتحصيله الدراسي وأن المنظومة التعليمية في التعليم الخاص من الناحية التربوية والأخلاقية لا تتعارض والمنظومة الاجتماعية الشرقية وهنا يقع المحضون ضحية الصراع والنزاع ويؤدي إلى تراجع مستواه بالتحصيل الدراسي وبالمقام الأول ينعكس سلباً على الصحة النفسية والعقلية والجسدية له.
ويظل السجال والنزاع قائماً بين مفهوم الولاية للأب ومفهوم الحضانة للأم، فيتمسك كل منهما بالنصوص القانونية الواردة في قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لسنة 20210 وتعديلاته وفقاً لغاياته الظاهرية المعلنة.
إذ يتمسك الأب الولي بأحكام المادة المادة (184) التي تنص على ما يأتي ” أ- مع مراعاة أحكام الحضانة للولي الحق في الإشراف على شؤون المحضون وتعهده وفي اختيار نوع التعليم ومكانه وذلك في محل إقامة الحاضنة ولا يجوز نقله من محل إقامتها إلا بموافقتها أو لضرورة تحقق مصلحة المحضون .
ب- على الولي والحاضنة العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي ” .
وفي المقابل تتمسك الأم الحاضنة بأحكام المادة (191) قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لسنة 20210 وتعديلاته في فقرتيها أ- إذا اختار الولي المكلف بالإنفاق على المحضون تعليمه في المدارس الخاصة عدا السنة التمهيدية فلا يملك الرجوع عن ذلك إلاّ إذا أصبح غير قادر على نفقات التعليم الخاص أو وجد مسوغ مشروع لذلك.
ب-على الرغم مما ورد في الفقـــرة (أ) من هذه المادة لا يجوز للولي المكلف بالإنفاق على المحضون الرجوع عن تعليمه في المدارس الخاصة التي اختارها لعدم قدرته على دفع نفقات هذا التعليم إذا قام الحاضن بدفع هذه النفقات على وجه التبرع ودون الرجوع بها على الولي أو المحضون.
وعليه وقبل الولوج وتحليل أحكام المادتين المشار إليهما سابقاً لابد أن ننوه أن الأساس الإجتماعي والتربوي والشرعي والقانوني في الحفاظ على استمرارية تعليم المحضون واستقرار وضعه النفسي والعقلي والدراسي هو ما جاء بالفقرة (ب) من المادة (184) التي تفيد بأنه ” على الولي والحاضنة العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي ” دون النظر إلى أي خلاف أو نزاع بينهما مع وضع مصلحة المحضون أولوية لهما دون مصلحة أي منهما الشخصية .
أما تحليل هاتين المادتين (184) و(191) نجد منذ البداية وأثناء قيام الزوجية وقبل انحلالها قام والدي المحضون بإختيار نوع التعليم ابتداءً الأمر الذي وضح وثبّت نوع التعليم وحدده وأصبح جلياً لكل منهما فإن كان المحضون على مقاعد الدراسة في التعليم الخاص في فلا يملك الوالد الولي حق نقل أبنائه الصغار إلى أي مدرسة أخرى إلاّ بموافقة الحاضنة وفي مكان إقامتها أو مكان سكناها وعلى الولي عند اعتراضه على بقاء المحضون واستمراريته بالتعليم في المدارس الخاصة كان له إثارة الدفوع التي أوردناها سابقاً مع إثباتها أمام القضاء و حصوله على قرار حكم قضائي قطعي قابل للتنفيذ حتى يتمنكن من نقل المحضون من التعليم الخاص إلى التعليم الحكومي أو إلى التعليم الخاص الأقل تكلفة، وفي المقابل إذا أرادت الأم الحاضنة إبقاء المحضون بمدارس التعليم الخاص وعدم نقله للتعليم الحكومي أو للتعليم الخاص الأقل تكلفة كان عليها أن تقوم بالأخذ بالفقرة (ب) من المادة التي تنص على ” على الرغم مما ورد في الفقـــرة (أ) من هذه المادة لا يجوز للولي المكلف بالإنفاق على المحضون الرجوع عن تعليمه في المدارس الخاصة التي اختارها لعدم قدرته على دفع نفقات هذا التعليم إذا قام الحاضن بدفع هذه النفقات على وجه التبرع ودون الرجوع بها على الولي أو المحضون ” ، الأمر الذي يقطع كل نزاع وجدال على نوع التعليم واختياره.
إلاّ أن الإشكالية الحقيقية تكمن في قرارات الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية التي تصدر على شكل غير بات وواضح بهذه الإشكالية مع بطئ الفصل بالنزاعات المتعلقة بنفقات التعليم وبذات الوقت عدم قدرة الخبراء من الوصول إلى تقدير واقعي يتوافق مع قدرة الولي وتكاليف التعليم.
وفي خلاصة القول المطلوب أولاً وقبل كل شي أن يتوقف الولي والحاضنة عن تراشق الدعاوى والنزاعات وجعل شغلهما الشاغل المحاكم، ومراعاة مصلحة المحضون وجعلها أولوية أولوياتهما بمعزل عن أي نزاع قائم بينهما، ثانياً على الماحكم الشرعية إعادة التركيز ومعالجة موضوع إختيار نوع التعليم و نفقة التعليم بطريقة أكثر عمق ودراسة وإصدار أحكام باتة و واضحة تقطع أي مجال تتأويل والجدل وتراعي مصلحة المحضون بالمقام الأول قبل أن تراعي وضع الولي والحاضنة ، حتى لا يقع المحضون بين مطرقة الحضانة وسندان الولاية.