مبادرة الرياض لوقف الحرب في اليمن…هل ستنجح ؟ 

 

سليمان نمر* –

  

الأول نيوز – كان من الطبيعي ان يبادر الحوثيون في اليمن الى الاعلان فورا عن رفضهم للمبادرة السعودية لوقف الحرب في اليمن والتوصل الى حل سياسي شامل يضمن انهاء الازمة اليمنية وعودة الاستقرار لبلد يعاني منذ ست سنوات من حرب مدمرة . 

فالحوثيون – كما صرح غير مسؤول ومتحدث بإسمهم – يرون ان المبادرة السعودية التي اعلنت عنها الرياض الاثنين الماضي ليس بها جديد يحصلون منه على بعض الثمن للمكاسب العسكرية التي يعتقدون انهم حققوها في الاسابيع الماضية الاخيرة سواء على جبهة “مأرب” او على صعيد تصعيدهم للهجمات الصاروخية والطيرانية في عمق الاراضي السعودية.. 

والحوثيون – كما يبدو – لا يريدون اي مشروع  لوقف اطلاق النار وهدنة حرب ، ما لم يحقق لهم المشروع  الحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية واولها رفع الحصار الكامل عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء ، ومن دون رقابة دولية . 

وهم يعتقدون ان تصعيدهم للهجمات الصاروخية والطيرانية في العمق السعودي اوجعت السعودية وانها هي السبب وراء السعي السعودي للبحث عن مخرج من مستنقع الحرب الذي وقعوا فيه في اليمن . 

في حين يقول سعوديون في الرياض ان المملكة اعلنت مبادراتها لعل الحوثيين يقبلون بها بعد الضربات والغارات الجوية العنيفة التي قامت بها الطائرات السعودية ضد الحوثيين في “مأرب” وصنعاء ومختلف الاراضي اليمنية وهي غارات “موجعة” برأي السعوديين.

والسعوديون يرون ان الهجمات الصاروخية والطيرانية لا توجعهم بقدر ما تقلقهم وتؤكد لهم انهم سيبقون تحت تهديد نظام معاد للمملكة اذا ما حكم الحوثيون شمال اليمن ، لذا من المهم استراتيجيا للسعودية ان لا يقوم نظام  في الشمال اليمني وعند حدودهم  معاد لهم ويهددهم باي لحظة .  

لذا فإن الحل السياسي الذي تريده الرياض هو حل يعترف بالحوثيين كأحد المكونات السياسية لأي نظام يمني جديد ، لا ان ينفردوا بحكم اليمن .هنا نلاحظ ان المبادرة السعودية “الجديدة ” التي اعلنت عنها الرياض تركز  مجددا على الدعوة لـ” بدء مشاورات بين الاطراف اليمنية للتوصل الى حل سياسي للازمة اليمنية برعاية الامم المتحدة بناءا على مرجعيات قرار مجلس الامن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وآلياتها ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل ” 

أي ان السعودية تبعد نفسها عن المفاوضات مع الحوثيين ، وتريد ان تعقد المفاوضات اليمنية وفق الشروط التي يرفضها الحوثيون لانها تجعلهم احد المكونات السياسية اليمنية الرئيسة وليس النظام الحاكم والمسيطر على صنعاء ” وعلى نسبة كبيرة من اراضي شمال اليمن  

لكن لماذا طرحت السعودية مبادرتها وهل فيها جديد ؟ 

الجديد في المبادرة السعودية هو مسألة رفع الحصار عن ميناء الحديدة ولكن اشترط لذلك ” ايداع الضرائب والايرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة – اي ان ميناء الحديدة سيكون تحت اشراف بعثة مراقبة مالية وامنية اممية –  ووضع ميناء الحديدة تحت مراقبة واشراف اممي امر يتنصل منه الحوثيون ويراوغون بتنفيذه ،كما يقول السعوديون . 

والجديد في المبادرة السعودية ماجاء فيها بشأن “فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات الاقليمية والدولية . 

ولكن المبادرة السعودية لم تحدد المسارات التي سيُسمح بأن تسلكها الطائرات المتجهة إلى صنعاء أو ما إذا كان الأمر سيستلزم الحصول على موافقات إضافية مسبقة من أجل السماح بدخول واردات المواد الغذائية والوقود عبر ميناء الحُديدة

 الحوثيون يرون ان السعوديين لم يعلنوا عن هذه المبادرة الا بسبب انتصاراتهم العسكرية – كما يروج اعلانهم الذي يتغنى هذه الايام بانتصاراتهم ،  

ولكن الارجح ان الرياض اعلنت عن هذه المبادرة (وهي تركز على الجانب الانساني ومن بعد ذلك السياسي) لمواجهة الضغوط السياسية المتزايدة من الادارة الاميركية الجديدة على السعودية لوقف الحرب في اليمن  منذ ان صرح الرئيس جو بايدن ان واشنطن” لن تدعم التدخل السعودي في الحرب اليمنية وان كانت ملتزمة بحماية المملكة من الهجمات والمخاطر التي تتعرض لها “. 

ويلاحظ ان اتصالا هاتفيا جرى بين وزير الخارجية الاميركي ونظيره السعودي قبيل الاعلان السعودي عن المبادرة بساعات قليلة الامر الذي يؤكد ان المبادرة حظيت برضى اميركي و ما تريده الرياض وهو استعادة التأييد والدعم الاميركي لتدخلها في اليمن.

وطرحت الرياض مبادرتها ايضا لمواجهة الضغوط الانسانية التي تتعرض لها من الامم المتحدة ومبعوثها مارتن جريفث بشأن فك الحصار عن اليمن لاسباب انسانية . وقد رحب الناطق باسم الامم المتحدة فرحان حق بالمبادرة السعودية وقال ” إن الاقتراح السعودي يتسق مع مبادرة الامم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن مارتن جريفث “. 

ويلاحظ ان البيان السعودي عن المبادرة تضمن الاشارة الى انها تطرح مبادرتها ” في اطار الدعم المستمر لجهود المبعوث الخاص للامم المتحدة الى اليمن مارتن جريفث والمبعوث الخاص للولايات المتحدة الى اليمن تيموثي لينر كينغ والدور الايجابي لسلطنة عمان . 

فهل هذا يعني ان المبادرة السعودية سيكون مصيرها الفشل – كما حصل مع مبادرات سابقة – ؟ 

لا يعتقد مراقبون سياسيون في الرياض ذلك لأنه سيكون هناك ضغط اميركي ( وعبر سلطنة عمان ) على  الحوثيين من اجل التجاوب مع ما تحمله المبادرة من معطيات سياسية او على الاقل الدخول في مفاوضات سياسية للتفاوض حول بنود المبادرة بدلا من رفضها مسبقا ويجدر هنا الاشارة الى تصريح كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام الذي اوضح فيه ان الحوثيين سيواصلون المحادثات مع الرياض والولايات المتحدة وسلطنة عمان في محاولة للتوصل الى اتفاق سلام .  

* كاتب صحافي عربي مختص بالشؤون الخليجية

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ما “حدا” اعتذر

الاول نيوز – د. ذوقان عبيدات أسوأ ما يمكن وصفه في هذه الأيام هو ما …