أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – لم يحتمل الأمر أكثر من 3 دقائق من لحظة دخولي مركز صحي الفحيص الثلاثاء، وحصولي على جرعة التطعيم الثانية من لقاح فايزر.
جلست بعدها 10 دقائق في قاعة الانتظار حسب البروتوكول بعد التطعيم للأطمئنان، وصلني خلالها شهادة التطعيم.
إجراءات وسلاسة تنظيم، ووجوه مبتسمة من قبل كامل الطاقم العامل في المركز إضافة إلى رجال الأمن الذين ينظمون إجراءات الدخول، تمنح المرء راحة وإطمئنانًا.
وأنا في قاعة الانتظار جالت في خاطري أقاويل وحجج أشخاص من الإطار الصديق، محسوبون على الثقافة والمثقفين، على السياسة والسياسيين، يشككون في جدوى المطاعيم، ومرعوبون منها، لا بل يشجعون غيرهم على رفضها.
لكن؛ الملاحظ يوميا زيادة في أعداد المسجلين في تطبيق التطعيم، ومغادرة كثير من المشككين في جدوى ونجاعة التطعيم، وهذا أمر طيب، على الجهات الرسمية تعزيزه بتوفير المطاعيم بأسرع وقت، وفتح المجال لأعداد أكثر في الحصول عليه، لأنه مهما حافظنا على الإجراءات الوقائية من الكمامة والتباعد، يبقى المطعوم هو خط الدفاع الأول عن الحياة في مواجهة هذا الفيروس اللعين.
لنفكر بزوايا أخرى، وقد يكون السؤال مبكرا، لكن فعلا هل نتخيل أن العالم بعد اليوم الثاني من انتهاء حرب وباء جائحة غول الكورونا مثلما كان قبله؟!.
الجواب بالتأكيد لا؛ لأن العالم الذي يقف على قدم واحدة، كل العالم، لن يعود إلى طبيعته وشكله وخصائصه وتحالفاته مثلما كان سابقا.
لقد غيرت الكورونا تفاصيل حياة البشر في كل أصقاع الأرض، فهل بعد تجاوز المحنة سيعود الإنسان إلى سابق عهده.
عالم إنساني آخر سوف يشهده من يعيش بعد عصر إنتهاء الكورونا، طالت أم قصرت، هذه علمها عند الله وحده، وليس عند بني البشر الذين حاموا في ملكوت الدنيا بحثا عن كل الطرق تفكيرا في الحياة.
في أيام الكورونا ظهرت أشكال عديدة من طرق التفكير، هناك من يؤمن حتما أنها معركة بيولوجية ونحن فقط فئران لتجاربها، وهي بين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين في العالم أميركا والصين.
وهناك من لا يزال يبث فيديوهات ومعلومات أن الكورونا ليست جديدة اعتمادا على فيديو جاء في فيلم سينَمِيٍ او تحقيق في مجلة، أو أغنية ذكرت كلمة كورونا.
من أبرز ما لفت نظري في حوارات ومساجلات ومجادلات وسائل التواصل الاجتماعي في زمن الكورونا، الرفض العام لخطاب الكراهية، فعندما نصل إلى مستوى أن يرفض معظمنا أن يقول نائب تحت القبة بعد فاجعة السلط “الله يرحم أموات المسلمين…” وكان يومها يجلس إلى جانبه زميله المسيحي وأحد ضحايا الفاجعة سيدة مسيحية فيتصدى له مشايخ وكتاب إسلاميون متنورون أن طلب الرحمة يجب أن يكون للجميع لأن الفايروس لا يفرق بين مسلم ومسيحي ويهودي، سنّي او شيعي، ارثوذكسي او كاثوليكي، عندها نشعر أن العالم القادم هو عالم الإنسانية عموما، والأوطان للجميع، والدين لله..
الدايم الله….