الموت يُغيّب “عنب الخليل” الشاعر الكبير عزالدين المناصرة

 

الأول نيوز – غيب الموت الشاعر  الكبير محمد عز الدين المناصرة حسبما أعلنت عائلة المناصرة في عمان ليلة الاثنين، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا ملتحقا بأخويه داود وعباس اللذين سبقاه منذ مدة غير بعيدة إلى دار الحق.

الشاعر عز الدين المناصرة: الناقد، والمفكر، والأكاديمي، والمناضل، اسم تلفّع صاحبه هوى فلسطين، وعشق “عنب الخليل”، ووله بـ “جفرا” وأصوله الكنعانية.. هو شاعر أغرته وأغوته “القضايا الإشكالية”، صارعها أحيانًا وصارعته أحياناً أخرى.

عندما حصلت نكبة 1948 كان المناصرة طفلًا، وعاش (18 عاماً في فلسطين)، وغادرها بتاريخ (15/10/1964) إلى المنافي، حيث عاش بقية عمره في (مصر، ولبنان، وبلغاريا، وتونس، والجزائر، والأردن). أبعدته السلطات الأردنية بقرار رسمي مع زوجته وطفله إلى تونس عام 1982 وسحبت منه الجنسية الأردنية، لكنه عاد إليها وأقام فيها حتى وفاته، وعن تجربته القاسية في المنافي يقول: “هذي المنافي قبورٌ، وهذا السوادْ/ وهذي الحجارة، ليست لنا… إنَّها للرمادْ”.

وُلد عز الدين المناصرة في قرية بني نعيم ـ قضاء الخليل بفلسطين في (11/4/1946)، وفيها ترعرع وتعلم وعمل راعياً وجمالاً وبائعاً متجولاً. تعلم في (مدرسة الحسين بن علي الثانوية) بمدينة (الخليل) بفلسطين وحصل على شهادة التوجيهي (الثانوية العامة) في صيف 1964. وحصل على شهادة (الليسانس) في (اللغة العربية، والعلوم الإسلامية) في عام 1968، و(دبلوم الدراسات العليا) في النقد الأدبي والبلاغة والأدب المقارن عام 1969 في (كلية دار العلوم- جامعة القاهرة)… ثم أكمل دراساته العليا لاحقاً، وحصل على (شهادة التخصص) في الأدب البلغاري الحديث، وحصل على (درجة الدكتوراه) في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا عام 1981،… كما حصل على رتبة الأستاذية (بروفيسور) في جامعة فيلادلفيا، عمّان 2005.

أصدر المناصرة (أحد عشر ديواناً شعرياً) و(خمسة وعشرين كتابًا) في النقد الأدبي والتاريخ والفكر.. وصدر عن تجربته الشعرية والنقدية منذ 1998 ما يقرب من (29 كتاباً نقدياً) أغلبها رسائل ماجستير ودكتوراه في الجامعات العربية… وترجمت أشعاره إلى ما يقرب من ثلاثين لغة أجنبية..

 

المنفى لا يصلح للإقامة

يعتبر المناصرة أن المنفى يصلح للزيارة، ولا يصلح للإقامة. حيث لا مكان في العالم يصلح للطمأنينة سوى مسقط الرأس، وكلُّ الطيور تعود إلى أوطانها حتى لو حكمها دكتاتور، باستثناء الطيور الفلسطينية، لأن الاحتلال “الإسرائيلي” لها بالمرصاد، على الرغم من أنها تقاوم. ويقول إن “المنفى، مكان مؤقت تشعر فيه بأنك معلَّق في الهواء الفاسد”.. ولهذا فهو قاوم “الفكر الاندماجي في المنافي لأنه يسحق هويتي الفلسطينية – أنا فلسطيني من أصل فلسطيني صقل المنفى شخصيتي وتعلمت منه المقاومة بأنواعها (الصلبة والناعمة) كما تعلمت منه (جدلية الصلابة – المرونة) ولم أستسلم لأساليب القهر فدائماً يمكن أن نقاوم، ولكن أصبح حلمي بسيطاً: أن تدفن جثتي تحت دالية عنب خليلية قبالة البحر الميت”.

وخلال نكسة 1967 كان طالباً في القاهرة. وعمل منذ أيلول 1995 – أستاذاً (للنقد الأدبي، والأدب المقارن) في جامعة فيلادلفيا بعمّان، ولم تسمح له سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” بالدخول إلى فلسطين المحتلة. وكان قد عمل أستاذاً بجامعتي (قسنطينة، وتلمسان) الجزائرية، وعمل رئيساً لقسم اللغة العربية (بجامعة القدس المفتوحة) قبل نقلها عام 1994 إلى فلسطين المحتلة. وعمل عميداً لِـ(كلية العلوم التربوية) التابعة لوكالة “الأونروا” الدولية بعمّان، عام (1994-1995). كذلك شارك (الشاعر المناصرة) في الثورة الفلسطينية المعاصرة (1964-1994)، حيث كان (الشاعر الفلسطيني الوحيد) الذي حمل السلاح في المرحلة اللبنانية من الثورة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.

المناصرة هو أحد رواد الجيل الثاني من الشعراء الفلسطينيين المعاصرين، انطلق مع  زملائه الآخرين (محمود درويش، سميح القاسم…) في ظل المقاومة الفلسطينية في الستينات والسبعينات.

كُتب عن المناصرة بأنه “اشتغل على الأسطورة والرمز وخاض مشروع “الكنعنة” كنوع من الرد الحضاري على انتهاك الحق الفلسطيني والمزاعم التي تحرمه الانتماء إلى فلسطين تاريخاً وجغرافيا”.

أطلق مصطلح “القصيدة الخنثى” على قصيدة النثر، وخالف بذلك النقاد القدماء والمحدثين الذين وصفوا الشعر بالفحولة. وقد أثار ذلك ردود فعل كثيرة، خصوصًا في الأوساط الشعرية الشابة.

 

المشاكس السياسي

 

ظل المناصرة “مشاكساً سياسياً”… ويقول حول ذلك: “أُجبرت في مفاصل مهمة من حياتي على العراك ضد “الفساد السياسي والثقافي”، وكلاهما ينبعان من بركة آسنة، أحيانًا كنت وحيداً في غابة الذئاب أقاوم الفساد وحدي، وكان هناك من يصفق لي، لكن سرعان ما ينحاز إلى الفساد.

صحيح أنني نزفت دماً، وصحيح أنني أصبحت أحيانًا عاطلًا عن العمل. وصحيح أنني قمت بتخفيض المستوى المادي لحياة عائلتي الصغيرة. لكنني بقيت مستوراً وكريماً، ولم أفقد كرامتي، لأنني كنت وما أزال أعرف طرق المقاومة وأساليبها. طبعًا، خسرت، وأنا متأكد أنه سوف يظهر شرفاء ينصفونني ذات يوم”.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

19 شهيدا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

الأول نيوز – استشهد، الخميس، 19 فلسطينيا وأصيب العشرات، إثر قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي على …