أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – واضح تمامًا أن وزير المياه المهندس محمد النجار متردد في الحديث الصريح عن واقع المياه وحالنا الخطر هذا العام، ولهذا يريد أن يُبلّغنا الأمر بطريقة ناعمة، حيث يهرب إلى الحديث عن قضايا مضى عليها عشر سنين بينما هي مستمرة، فسرّاق المياه لم يلجموا، برغم كل ما فعلته السلطات بحقهم في السنوات الماضية.
وزير المياه السابق المهندس معتصم السعيدان أبلغ “الأول نيوز” مباشرة قبل نحو الشهر، أن هذا العام هو الأصعب على الأردن في موضوع المياه.
وفي لقاءات مباشرة مع الوزير الأسبق ـ الصديق ـ الدكتور حازم الناصر، كانت قضية الاعتداء على شبكات المياه مدار حديثنا.
في أيام وزارة الدكتور الناصر، أكد أن لا شيء يمنعه من مواصلة ضبط اي اعتداء على اراضي الدولة ومياهها، التي يعتبرها «أمن دولة»، ولن يقبل ان يُسجّل عليه انه تراخى في هذا الموضوع، او تحابى مع شخص او منطقة.
ما كان يُشجع في كلام الناصر، ان ما يقوم به يجد ترحيبا وتقديرا من مرجعيات الدولة العليا، للتخلص من «سُرّاق مياه الدولة».
كانت خطوة ذكية جدا عندما أعلنت الوزارة أنها ستنشر بالاسم الرباعي الصريح، لكل من يضبط وهو يسرق مياه الدولة، وهذا السلوك الإعلامي ردع كثيرين عن الاستمرار في ممارساتهم.
كما كانت خطوة أكثر ذكاء عندما أعلنت الوزارة نيتها توجيه إنذارات خطية إلى شخصيات سياسية من بينهم وزراء ونواب ومسؤولون سابقون وضباط متقاعدون وجمعيات، لسداد ما هو مترتب عليهم من ذمم مالية مستحقة للوزارة، خاصة أن بعض مضبوطات المسروقات تمت عبر صور الأقمار الصناعية بالتعاون مع مؤسسات عالمية، حيث تمت قراءة العدادات ومراقبة الآبار والمساحات المزروعة المروية ونوع المحصول والطاقة الكهربائية.
الذين يتحدثون صباح مساء عن دولة القانون والمؤسسات، ويمارسون «شو» إعلاميا في ذلك، عليهم أن يعرفوا جيدا أن أهم ما يعيد الهيبة للدولة هو تطبيق القانون على الجميع، وأن اللجوء الى سياسات الترضية والطبطبة هو الذي يدمر هيبة الدولة، وما تفعله وزارة المياه في تشديدها على إنفاذ القانون على الجميع وفي قضية حساسة ومصيرية للأردن البلد الأكثر فقرا في المياه، هي الخطوة العملية المباشرة في إعادة الهيبة للدولة.
كما لا يعرفون أن الحالة المائية في الأردن وخطورتها لا تردعان سارقي المياه من الاستمرار في سرقتها، إن كان عبر الآبار المخالفة، ام من شبكة المياه الرئيسة التي تزود المواطنين، حيث يعتبر هذا السلوك هو الأخطر على قضية المياه في الأردن.
مصيبة كبرى ان تهبط أخلاق الحرامية الى هذا الدّرْك الأسفل، بحيث لا يفكرون أنهم بسرقة خطوط المياه الرئيسة، يحرمون المواطنين من الحصول على حصتهم المتواضعة من المياه.
لقد وصلت سرقة المياه الى المتاجرة بها، فهل هناك سلوك أقرب إلى الخيانة الوطنية من ذلك؟
الدايم الله….