لندن – خاص – الأول نيوز – كتبت منى سكرية –
-أثار العدوان الإسرائيلي في أيار الفائت على أبناء الشعب الفلسطيي في القدس المحتلة (وحي الشيخ جراح على وجه التحديد) وقطاع غزة، موجة من المساءلات والتضامن والتأييد على مستوى الشعوب في العديد من الدول.
وتميزت مواقف اكاديمية ونخبوية وسياسية بآراء كانت متقدمة وشجاعة. من هذه المواقف البارزة، ما سنقرأه في تقرير هذه الندوة العالمية تحت عنوان “الموت والدمار والقانون الدولي في غزة” والتي نظمها “مركز كمبريدج لدراسات فلسطين” في كيمبريدج – إنجلترا مع نخبه من الاكاديميين والمفكرين العالميين في القانون الدولي، والذي دعا اليها وأدارها مدير المركز، الأكاديمي الفلسطيني البارز الدكتور مكرم الخوري- مخول والذي وصف الندوة “بالإستثنائية”، نظراً للموضوع قيد النقاش، ولأهمية المشاركين/الخبراء العالميين في القانون الدولي، وللمناصب التي تبؤوها وحققوا خلالها كمندوبين للأمم المتحدة في الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ما بين 2008 و2014. وهم(وكانو المشاركين الرئيسيين في الندوة) ومنهم الاكاديمي والمفكر البروفيسور ريتشارد فولك،والبروفيسور جون دوغارد، والبروفيسورة كريستين شينكين(من مؤلفي تقرير غولدستون) والأستاذ المحامي الفلسطيني راجي الصوراني. وأيضاً البارونة سعيدة وارسي (الوزيرة السابقة والمستقيلة من حكومة دافيد كاميرون بسبب القضية الفلسطينية).
البارونة وارسي، وهي احدى رعاة مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين، أكدت أن الحكومات البريطانية فشلت في تنفيذ سياستها المعلنة، سواء بالنسبة لعدم اعترافها بدولة فلسطينية، أو لغياب أدوات ردع إسرائيل عن بناء المستوطنات، وتوسعتها، والإخلاء القسري وهدم منازل الفلسطينيين. ووصفت ذلك “بالتطهير العرقي” وقالت: “سياستنا تتمثل في الدفاع عن حقوق الانسان،ولكن لا يوجد أي إجراء نتبعه،
حيث يتم كل عام اعتقال وسوء معاملة وسجن مئات الأطفال الفلسطينيين.وتدعم سياستنا المساءلة الدولية بدعم من المكمة الجنائية الدولية،لكننا نعارض تحقيق قرارات المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب في فلسطين.نحن نفشل في تنفيذ سياستنا الخاصة، ونرسل رسائل إلى الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة باستمرار مفادها أنه لن تكون هناك تكلفة أو عواقب على سوء معاملتها للفلسطينيين.هذا الإفلات من العقاب يغذي تمادي إسرائيل في التطرف اليميني المتطرف،تاركاً مجتمعاً يناضل من أجل الخلاص”.
المحامي الأستاذ اجي الصوراني:
ومن قلب الدمار، وتحت قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية على المدنيين في غزة، كانت مداخلة مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحامي راجي الصوراني الذي نقل الصورة حية، كما – اعتاد في توثيقه لجرائم إسرائيل، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان – فأكد أن 90% من الأهداف المقصوفة بالطائرات كانت مدنية، من قتل للمدنيين العزل، وتدمير البيوت، والمساكن، وتدمير البنى التحتية، ومختبر كوفيد19 الوحيد في غزة، وهذا أمر قبيح وسيئ. هذه حرب غير مسبوقة لأنها تستهدف المدنيين والأهداف المدنية. وفي حين أن القانون الدولي موجود لحماية المدنيين في أوقات الحروب، لكن إسرائيل تستهدف المدنيين. وهذا يؤكد أن الأدلة كافية للمحكمة الجنائية الدولية كي تقرر فتح تحقيق في الجرائم المشتبه فيها، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها هذا الاحتلال العسكري. إن أعذار إسرائيل لا تفيد بشيئ، ولكن ما يصدمني هو موقف مجلس الأمن الذي لا ينفذ قراراً ولا يصدر بيان، واصفاً مواقف أوروبا بالأمر الفاضح لأنهم يضعون الفلسطينيون والإسرائيليين على نفس المستوى، في حين أن ما يريده الشعب الفلسطيني هو القانون الدولي وتطبيقه، ونريد الحرية والكرامة، لأنه ليس لدينا الحق في الاستسلام، أو أن نكون ضحايا صالحين، ولن نسمح لأي قوة على الأرض أن تنتزع من قلوبنا وعقولنا الأمل في أن يكون لنا غد. فنحن ندافع عن قضية عادلة، ونعلم أننا على الجانب الصحيح من التاريخ، ونحن على يقين أننا سننتصر في يوم من الأيام، ونحن أقوياء بما فيه الكفاية. ولأول مرة يتحد الشعب الفلسطيني، وأعتقد أننا في مفترق جديد.سأخبركم عن شيئ يتحدث عنه الناس في المنطقة،وهو أمر مثير للغاية،إذ يقولون في الامارات والسعودية: أوه،هذه إسرائيل التي ستواجه إيران وقوتها النووية؟ كيف سيكون وضعها بمواجهة حزب الله،وهل سيتمكنون حقاً من مواجهتها؟
البروفيسور جون دو غارد:
ذكر دوغارد (عالم مشهور في القانون الدولي، وأستاذ لهذه المادة في جامعة ليدن-هولندة، وعمل مقرراً خاصاً للأمم المتحدة بين عامي 2001-2008 ) انه أجرى والبروفيسورة شينكين تحقيقاً لتقصي الحقائق بعد عملية الرصاص المصبوب (الحرب الإسرائيلية على غزة العام 2008)، وقد لاحظنا استهداف المدنيين يومها، وهو ما توصلت إليه لجنة ريتشارد غولدستون والتي تراجعت في وقت لاحق إلى حد ما، ولكن أؤكد أنه في عامي 2008 و2014 والآن مرة أخرى، فإن الجيش الإسرائيلي استهدف المدنيين عمداً.
واتهم دوغارد الولايات المتحدة الأميركية بأنها حرمت نفسها من أداء دور الوسيط النزيه.أما بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فقد رأت أن لها اختصاصاً للنظر في القضية في فلسطين، وفتحت الآن تحقيقاً، ويعتمد الأمر كثيراً على مكتب المدعي العام، وسيكون قريبا مدع عام جديد هو كريم خان من الممملكة المتحة، ونأمل أن يأخذ هذا الملف على محمل الجد ويبدأ في الملاحقات القضائية في أقرب وقت ممكن. ولكن، هناك ما يحبط، وهو الطريقة التي تعرقل بها أستراليا وكندا والولايات المتدة والمملكة المتحدة عمداً عمل المحكمة، والمحاكمة. ألم يرفض بوريس جونسون التحقيق في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل. أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالإفلات من العقاب على المرء أن يحمل هذه الدول المسؤولية.
البروفيسور ريتشارد فولك:
وتحدث فولك( المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة في فلسطين بين عامي 2008 و2014، وهو خبير بالقانون الدولي ولديه مؤلفات بهذا الموضوع) فأشار إلى سلسلة الأحداث الاستفزازية التي دبرتها حكومة نتنياهو وبتصميم منها لإحداث نوع من رد فعل حركة حماس، متوقفاً عند أبرزها، ومستنكراً صمت الأمم المتحدة، ودور الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي.
ورأى أن إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد هو تعهد قانوني، ومسألة ديبلوماسية، ولكنه لا يمحو أي جريمة سابقة في استخدام القوة. أما مسألة استمرار الاحتلال فهذا كان سؤالاً/تحدياً لي خلال السنوات التي قضيتها كمقرر خاص. وقد اقترحت وضع حد لمدة خمس سنوات على أي نوع من الاحتلال الحربي،كوسيلة لاستعادة حقوق الشعب المحتل، ولكن حتى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تكن مهتمة بذلك، وشعرت بالراحة مع الاحتلال الحربي المفتوح الذي تم تعزيزه من خلال القوة الجيوسياسية للولايات المتحدة . إن الشعب الفلسطيني حُرم من حق تقرير المصير في بلدهم، وهذا انحراف مطلق لما يقصد به أن يكون حق تقرير مستقبل شعب، متمنياً استمرار الوحدة الفلسطينة وحصول انتفاضة ثالثة لأن ذلك سيغير قواعد اللعبة إذا حصل، وآمل أن يفعلوا.يجب أن ننظر في المستقبل كما في الماضي إلى المقاومة على أنها مفتاح التحرر الفلسطيني.أعتقد أن الحكومات لن تكون فعالة للغاية، ولن تكون الأمم المتحدة فعالة للغاية. الأمر سيعتمد على الحراك الشعبي حول العالم، وعلى صمود وثبات الشعب الفلسطيني.
البروفيسور كريستين شينكين:
وأعربت شينكين(أحد مؤلفي تقرير غولدستون وأستاذة في القانون الدولي) عن تأثرها بما ذكره الصوراني عما يتعرض له المدنيون. وقالت: ما زلنا لا نرى نتائج ملموسة للجان تقصي الحقائق وهذا يجعلني أشعر بالحزن والخجل على حد سواء. عندما تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية العام 1998 كان هناك أمل وتوقع أن هذا سيفتح حقبة جديدة لإنهاء الإفلات من العقاب، ولكن لأسباب فإن هذا لم يحدث. علينا أن نتذكر أن الإفلات من العقاب لا يتعلق فقط بالمسؤولية الجنائية الفردية، بل يتعلق بمسؤولية الدولة والمفهوم الكامل لمسؤولية الدولة عن المفوض بالمحاسبة عن الأخطاء الدولية. وهذا ما يعيدنا إلى الحديث عن أهمية المجتمع الدولي.
يشار الى ان التقرير بالكامل وباللغتين الإنجليزية والعربية سينشر كبحث اكاديمي وسيكون متاحا للجمهور على موقع مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين: