ضجيج ومفارقات وتيه تمنع الحلم والمشاركة!

ماهر سلامة –

الأول نيوز – يلاحق المواطن هموم بلاده ويراقبها، في محاولة لإراحة نفسه من قلقه على مستقبله ومستقبل أبنائه، فالمواطن العربي لم ينجح حتى الآن بشكل عام بالخروج من الغابة التي يسودها قانون البقاء للاْقوى، وقانون السعي فقط من أجل البقاء لا للاستمتاع بالعيش.
يشعر في قرارة نفسه كأنه يعرف المشكلة التي تعوق حياة مواطنيه، فتارة يناقش، وتارة يكتب، وتارة يعلق، وتارة يهرب، لكن قانون الغاب يبقى الأقوى، فبزأرة أسد أو عضة واقع عنيد يصمت قانون الغاب ويخرس الى حين، لقلة الحلول، تاركا حرية التحرك للثعالب والتمرجل مؤقتا على القاصي والداني، فيهرب المواطن عبثًا باحثا عن مصادر أمان تخدر مخاوفه ولو مؤقتا.
لكنه يبقى يبحث عن حبال نجاة، ففي عقله يتنقل بهذه الحبال بسرعة القرود من شجرة الى أخرى، عله يرى أفقا، أو يلمس أملا أو تغييرا يمده بتفاؤل ما، لكن عبثا يبحث، فما يرى كل يوم يُعتبر حصارا بعد آخر.
يفتح المواطن العربي جريدته أو جهز تلفزته فلا يسمع ولا يرى إلا حصار سورية، حصار ليبيا، حصار لبنان، حصار العراق، حصار اليمن، وسد اسمه النهضة يقف في طريق نهضة مصر، وتسير العربة مليئة بمفردات الحصار/ ات، دمار، إفلاس، انهيار، تفجير، وفجأة وإذا بربيع عربي، فيشجع المواطن هذا الربيع أو ذاك، لكنه الحصار، فيأتي مَنْ خطط له في الخفاء بنار صيف حار تقطف كل زهرة أمل توهمها هذا المواطن المسكين. يحزن العربي على شهيد فلسطيني قتله الصهاينة، فإذا بشهيد فلسطيني تقتله السلطة ثم يقال مات بشكل طبيعي!
لكن هذا المواطن يصر أحيانا، ويحاول، فيقرر أن يساعد بلده ببعض الاْفكار حول التعليم، كون التعليم طريق أمل واعد، قد يخلصنا من الفقر! ليكتشف هذا المواطن أو ذاك، أن الفقر لم يصب لقمة العيش فقط، فيصدمه تعبير جديد اسمه فقر التعلم!! فيحار من أين يبدأ ليصلح إضبارة التعليم!!
فيهرب الى المياه كملف حيوي وخطير! ويقرر التبحر فيه، إلا أنه يغرق في شبر منها، فتركيا تحاصر دجلة والفرات، وأثيوبيا تحاصر النيل، والصهاينة المحتلون يحاصرون مياه “الاْردن”،
لا توجد حقيقة واحدة يتفق عليها الباحثون حول مخزون المياه، أو نسبة تبخره، أو أمكنة وجوده، فالمعلومات متناقضة حتى عند أهل الاختصاص، عبثا يحاول هذا المواطن ليعرف مستوى أمانه المائي، فيطوي هذه الإضبارة في رأسه، لينتقل الى الاقتصاد، فيفل هاربا.
يفل هاربا الى مسألة عادية خلافية فيطلق به عنان صوته، فاشا غليله بالصوت العالي، مطلقا كل سهامه الحارقة على جَمل وقع بعدما ارتطم بحجر، فالجمل الصريع فرصة سانحة لنفخ الذات وممارسة كل ألاعيب المزايدة، لا لشيء، إلا ليقول لزوجته إنني قد فعلت وسويت، عسى أن يحصل على لفتة إعجاب منها ومن أنسبائه وأقاربه ليعترفوا به انه مهم وفتاك.
يسمع جاره يتحدث عن الزراعة! إلا أن زوجته تحرضه بعمل شيء حول الغلاء، فيستشيط عضبا ويقرر عبثا رفع الصوت، لكن يصل الى نتيجة أن الإدارة هي أم الأزمات بما فيها أزمة بيته، فيقرر أن ينتقل من الإدارة الى ممارسة علم القيادة كونها الضامن لارتقاء الإدارة، فيكتشف أنه لإصلاح الإدارة عليه أن يُسرّح آلاف طواقم العمل ويستبدلها بآلاف جديدة، فَيُسِّر له صاحبه: أتريد جلب الاْميين الى الإدارة، ف 62% من الذكور لا يقرأون وإذا قرأوا لا يستوعبون ما يقرأون.
وأحد تجليات هذه ال 62% هي حبنا وعشقنا غير الخبير وغير المتخصص واللامعرفي للتشريع وصناعة القوانين، وقوانين للقوانين، وقانون لكل قانون له قانون أصلا، (مثل الانتخاب والاحزاب وغيرها…) والسيارة مش عم بتمشي.
إن فَشِل ذكاؤك لا تخف، فهناك ذكاء خفي في الكون يجدد الحياة بطريقته، هكذا قالت له ابنته النبيهة خوفا من خسارة والدها بجلطة تودي به الى الهاوية.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المملكة بين ذاكرة التأسيس ومسؤولية الامتداد

الأول نيوز – د. حسين سالم السرحان في مسيرة الدولة الأردنية لم يكن البناء السياسي …