أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – تتراكم الأزمات مثل كرات الثلج في عز تموز، إذ لا تكاد تنتهي أزمة في البلاد إلا وندخل في أخرى.
تنص الفقْرة الثالثة من المادة السادسة من الدستور الأردني على: “تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكاناتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص للأردنيين جميعا.”
لا نريد أن نحاسب الحكومة على قضية العمل والتعليم، فنحن نعرف إمكانات الدولة جيدا، لكننا لن نتنازل عن قضية الطمأنينة، وأتحدى أي مسؤول حكومي أن ينفي أن عدم الطمأنينة قد تسرب إلى عقول وقلوب الأردنيين، واصبح الخوف من المستقبل، وضبابية المرحلة تسيطر على مخيلة الجميع.
لاحظوا كيف فعل امتحان الفيزياء بطلبة التوجيهي، بحيث أربك ليس فقط الطلبة وأهلهم، بل المجتمع كله.
وكيف تحولت زجاجة النفط الهدية للرئيس إلى قصة البلد، وقبلها بيوم مطربان اللبنة.
وخطبة الجمعة وطاعة ولي الأمر، مكثنا أياما ونحن نطحن بعضنا حتى خرج وزير الأوقاف غاضبا متهما بعض أصحاب الفكر الداعشي وراء الحملة.
بالمناسبة؛ جريمة أن نقول أصحاب الفكر الداعشي، فلا هم بفكر ولا بعقل أصلا، واتهامهم بأنهم أصحاب فكر، مهما كانت نوعية الفكر جريمة بحق الفكر ذاته.
أما ملف الإصلاح، والاجتماعات واللجان التي تواصل الليل بالنهار، فالمتفائلون ندرة، والأكثرية متأكدة أن ما يجري لن ينتج شيئا.
الحديث الرسمي والشعبي عن الإصلاح السياسي، وضرورة المضي فيه من دون إبطاء، أصبح كلاما في الهواء، وللترف العام، ولا يسد رمق جائع واحد، إذا لم يرافق ذلك حديث فعلي على أرض الواقع لإصلاح أوضاع المواطنين المعيشية.
لن تشتري الفئات الشعبية الفقيرة، والمعدمة، كل أسطوانات الإصلاح السياسي الشامل، على أهمية ذلك، بأي ثمن، لأن التوافق على أفضل قانون للانتخاب، وإجراء انتخابات بكل معايير النزاهة، ليس أولوية لإنسان همّه الأول والأخير تأمين لقمة العيش لأطفاله، أو شراء علبة دواء لتخفيف حرارة ابنه المريض، لأنه لا يمكن أن تطلب من إنسان يعيش في ضنك شديد أن يحلم بالديمقراطية والإصلاح السياسي، وأن عليه أن يصفق لأية نجاحات قد تحدث في هذا المضمار.
في دوائر الحكومة وكواليسها، معلومات عن وجبة رفع لأسعار الكهرباء، بعد القرارات الشهرية في رفع أسعار الوقود، ما يعني ضربتين في الرأس، لا تؤلمان فقط، بل تحطمان الشعور بالأمان والطمأنينة التي نص عليهما الدستور.
اذا كانت الحكومة تعتقد ان هناك من القوى السياسية، وقوى الشد العكسي، من يعمل على الإطاحة بها، فهذا قد يكون صحيحا، وهذا ما تعودنا عليه في السنوات الاخيرة.
بات واضحاً أن الحكومة والبلاد بشكل عام تفتقران إلى المطبخ السياسي الذي يعالج المشاكل كلها، وينظر إلى كل ما يجري بعين السياسي والأمني والاستراتيجي، ويضع لمساته على كل أزمة، ولا اعتقد أن الحكومة تستطيع أن تدافع عن فعلها السياسي ومعالجتها الحكيمة لأي قضية، وبصراحة أكثر لا ندري فعلا من يقود العمل السياسي اليومي في الحكومة، ويقف على كل مفاصل الازمات كلها.
لا احد ينفخ في الكور فعلاً، لكن التخبط في السياسات هو الذي يسمح لكل متضرر ان يرفع صوته، والضعف في معالجة الازمات، بالضرورة سوف يفتح على أزمات أخرى.
الدايم الله…