الموت يغيب محمد الصقور أحد قادة التفكير التنموي “الوطني”

كما كان حاضرا بهدوء، غادرنا بهدوء أيضاً، هذا الصباح، الدكتور محمد الصقور.

محمد الصقور أحد قادة التفكير التنموي “الوطني”. تعالوا نتعرف أكثر على معنى ذلك.

في منتصف ثمانينات القرن الماضي، كان الدكتور محمد في وزارة التنمية الاجتماعية. لاحظت الوزارة بعض مظاهر الفقر الحادة، وكلفت نفسها (أيام كانت المؤسسات تكلف نفسها) بالمتابعة.

بحثوا أولا عن أدبيات عالمية لعلهم يستفيدوا منها في مهتمهم وخاطبوا البنك الدولي الذي لم يكن قد أدخل قضية الفقر ضمن مهماته. أرسل لهم البنك دراستين، واحدة من آسيا واخرى من امريكا اللاتينية (وفق ما أذكره من حديث الدكتور). لم يكن ذلك كافيا ولا مفيدا.

اجتمع الدكتور مع فريقه الوطني من الوزارة، وتواصلوا مع أساتذة من الجامعة الأردنية بهدف المساعدة في تصميم منهجية وطرق البحث والدراسة في موضوع كان جديدا.

كانت الدراسة متوازية مع العمل في الميدان. انتج ذلك فورا فكرة “صندوق المعونة الوطنية”.

قال لي موظفون قدامى في الصندوق إنهم بقيادة الدكتور كانوا يطرقون أبواب بيوت الفقراء فقرا قاسيا، ليبلغوهم أنهم يستحقون الدعم. كانت فكرة المعونة غريبة، وكان الفقير حينها يتردد في طرق أبواب رسمية خجلا.

اشتغل الدكتور محمد وفريقه دراستين رياديتين، من حيث المنهجية والمفاهيم الخاصة والمصاغة وطنيا. وأصبحت تلك الدراسات مرجعا على المستوى الدولي على الأقل من حيث المنهجية.

أجريت مع المرحوم لقاء في شباط 2006 ونشرته في مجلة “المستور” المتخصصة بالفقر التي كنت أصدرها آنذاك. وقد صدر عدد المجلة وهو ينقل على لسان الدكتور العنوان التالي: “قضية الفقر عندنا أصبحت مثل سوق عكاظ، كلما أحسنت القول كوفئت أكثر”.

بأسى حدثني عن تطورات التعامل مع موضوع الفقر في البلد..

لتكن ذكرى الدكتور مناسبة للدفاع عن إحياء “ماكنة التفكير الوطنية”، في ميدان التنمية وغيره. فمن دون التفكير الوطني تبقى الأفكار المنتجة غريبة.

الدكتور ولد في قرية السلع في الطفيلة عام 1936 وتخرج من دمشق، وعمل في التدريس قبل أن يلتحق بالعمل في ميدان التنمية.

رحم الله الدكتور محمد الصقور.