أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – قد يبدو عاديا أن يحتفل أبو علي وجماعته في الضريبة بالإنجاز الذي تحقق بتحصيل عوائد ضريبية أكثر من الرقم المقدر، وبزيادة عن العام الماضي، لكن أن يحتفل معهم من يقود السياسة المالية في البلاد، ومستشاروه من الكتاب فهذا ليس عاديا بكل الأحوال.
وأن يطالب أحدهم بتعميم تجربة الإصلاح الضريبي على مفاصل عمل الدولة الأخرى، فهذا أيضا مدعاة لتساؤلات عديدة.
الأربعة مليارات من الدنانير التي حصلتها الضريبة هذا العام ووضعتها كاش في البنك المركزي، هي بالمحصلة أموال سحبت من السوق وحتى لا يقلق كثيرا وزير المالية محمد العسعس.
لكن هل سأل أحدهم كيف تم تحصيلها ومِنْ مَنْ، وماذا حصل مع المستثمرين وشركاتهم، وماذا سيحصل في السنة المقبلة؟!
وهل علم القائمون على السياسة المالية أن معظم المستثمرين قد اضطروا لتخفيف أحمالهم المالية بالتخلص من العمال والموظفين الذين تحملوهم خلال ضائقة كورونا، وبعد سلسلة عمليات الدهم واتهام المستثمرين بأنهم متهربون من دفع استحقاق الضريبة، ونقل جزء كبير استثماراتهم إلى خارج البلاد حتى لا يبقوا تحت رحمة قوانين متحركة، ووسائل تحصيل بالقوة والجباية الفرضية.
هل ما حصل في الضريبة من إصلاحات كما يزعمون عالجت قضية التهرب الضريبي، أم زادت الأحمال على الملتزمين أصلا بدفع ما عليهم، لا بل بعضهم يدفع الضريبة مقدما.
وهل هي مستساغة إعلاميا وشعبيا أن نسمي كبار المستثمرين بالهوامير وعش الدبابير، ونحن نعلم المعاني السلبية في عقول الأردنيين لهذه المسميات.
لقد تعرضت قضايا بعض المستثمرين إلى التشكيك والاتهام مع أنها في عهدة القضاء الأردني حاليا، كم تعرض مستثمرون للابتزاز والسلبطة.
لِمَ لا نعترف أننا بكل ما نقوم به من إجراءات لا نجذب مستثمرا واحدا، بل ندفع بما تبقى من مستثمرين إلى الهرب خارج البلاد.
أكثر جملة توجيه من جلالة الملك رددها أكثر من مرة: يجب أن نبني شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، كما ردد ذلك رئيس الحكومة، ولكن ما يجري على أرض الواقع بعيد جدا عن روح الشراكة، بل أقرب إلى حالة من العداء والتشكيك. فهل هناك من يعمل عكس توجيهات جلالة الملك، وعكس سياسات رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة.
هل فعلا هناك من يريد تطفيش الاستثمار والمستثمرين من البلاد، وهل تريدوننا ان نصدق ان هناك نهجا مدبرا لتدمير ما تبقى من استثمارات، ولِمَ لا تعالج معالجة فعلية كل معوِّقات الاستثمار، وتقدم كل وسائل الدعم والصمود للمستثمرين الذين يجب أن يكرموا على صمودهم في اعمالهم في هذه الظروف، لا أن يكونوا موضع اتهام وتشكيك.
إذا لم تلمس أم سعيد في القسطل بعد جباية الأربعة مليارات من الدنانير ووضعها في البنك المركزي تغييرا على حياتها المعيشية، ولا يرى أبو فالح من ماحص أملا في بقائه في عمله من دون تهديد، ولا تستفيد سناء ابنة حرثا من فرصة عمل جديدة تُفتح أمامها، فإن كل ما يجري الحديث عنه من إصلاحات كلام في الهواء.
يكفي الترويج لإنجازات وهمية .. ونحن ما زلنا نعاني من اثار الجائحة على كل القطاعات الاقتصادية ترتفع التحصيلات الضريبية ونتباهى من الانجاز، وفي الدول المحترمة تم تخفيض الضرائب على القطاعات لضمان استدامتها..
الدايم الله….