جريمة التهجير القسري الاسرائيلية مستمرة

الدكتور أيمن سلامة –

 

الأول نيوز – هدفت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية خلال حرب 1967 وبعدها مباشرة إلى طرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين   في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتؤكد الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لمنع عودة الفارين خلال الحرب والفترة التي تلتها، تهجير إسرائيل القسري والمتعمد للفلسطينيين من المنطقة. وتضمنت هذه الإجراءات إطلاق النار الروتيني على المدنيين الذين يحاولون العودة أو “التسلل” إلى أراضيهم عبر نهر الأردن، بالإضافة إلى إدراج ملاك أراضي وادي الأردن في “القائمة السوداء” السرية لمنع دخولهم إلى المناطق المحتلة .

فضلا عن ذلك، وعلى مدى العقود الماضية قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بتهجير عدة عائلات قسراً من حي الشيخ جراح ، وذلك في سياق استغلال سلطات الإحتلال الصهيوني المختلفة التشريعية والتنفيذية والقضائية انتهاء السيطرة الأردنية بالقدس، وبرزت قضية  التهجير  القسري للفلسطينيين قاطني حي الشيخ جراح مطلع العام الحالي 2021، بعد أن قضت محكمة “إسرائيلية” ، بتهجير العائلات الفلسطينية المالكة من منازلها لصالح المستوطنين، حيث تسعى الجماعات الاستيطانية إلى إقامة خمس مستوطنات تضم 250 وحدة استيطانية على أنقاض المنازل الفلسطينية حال إخلائها .

وبعد أن وصلت الاعتداءات الصهيونية في حي  الشيخ جراح  لذروتها في 10مايو عام 2021 عُلق تنفيذ  القرار الصادر عن المحكمة “الإسرائيلية” إلي أجل غير مسمي، لكن استمرت اعتداءات قوات ُجيش الاحتلال  الصهيوني علي السكان و منازلهم  .

لا مرية أن القرارات  القضائية الجائرة  للمحاكم “الإسرائيلية”  وقوانينها العنصرية شكلت محاولة لشرعنة الاحتلال  ومنها إصدار سلطات الاحتلال قانون “الشؤون القانونية والإدارية” والذي ينص على إمكانية “استرداد” اليهود لممتلكاتهم التي “فقدوها” في “القدس الشرقية” عام 1948– حسب الرواية الصهيونية- هذا في الوقت الذي لا يشير فيه “قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي” لعام 1950، إلى إمكانية استرداد الفلسطينيين ممتلكاتهم التي فقدوها عام 1948 .

أما عن ردود الأفعال الدولية، فقد لَفَتت قضية الشيخ جراح أنظار العالم إلى فلسطين لتشهد حملة تضامن قوية بدءت في مواقع التواصل الاجتماعي، مروراً بخروج متظاهرين في مدن أوروبية وعربية وصولا إلى المطالبة بمقاطعة الاحتلال اقتصادياً، هذا على الصعيد الشعبي ، أما على الصعيد الرسمي والمتمثل بالتصريحات الرسمية لحكومات بعض من الدول، فقد أبرزت  الأحداث انحياز الموقف الأمريكي للكيان الصهيوني  .

تشهد فلسطين التاريخية محاولات مستمرة لتهجير الفلسطينيين خلال عقود خلت حاولت سلطات الاحتلال تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم، في النقب  والأغوار ومدن الضفة الغربية، وأبرزت قضية حي الشيخ جراح ، الإنتهاكات الجسمية المُمنهجة والتي ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي، وتعد جريمة التهجير القسري للسكان المدنيين الخاضعين للإحتلال أحد هذه الإنتهاكات الجسيمة، والتي تكشف عن سياسيات عامة ممنهجة للإحتلال الاستيطاني – الإحلالي .

تَفرض الأحداث المتسارعة التي شهدها حي الشيخ جراح والإنتهاكات الجسيمة لسلطات الإحتلال الصهيوني تناول العديد من  القضايا القانونية المتلازمة التي لا يستطيع الباحث الموضوعي إلا أن يتناولها التناول القانوني المُفصل؛ ولذلك ستتعرض الدراسة لأهم القضايا القانونية المرتبطة بالمراكز القانونية للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، والسكان المدنيين الخاضعين للإحتلال فيها، وقواعد وأعراف القانون الدولي ذات الصلة، ومفهوم جريمة التهجير القسري في الفقه والقضاء الدولي، فضلا عن مسؤولية إسرائيل- دولة الإحتلال-  والأفراد عن ارتكاب جريمة التهجير القسري .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

حق الدولة في الحياد

الاول نيوز – د. خالد الحريرات البطوش في روما القديمة ساد منطق ان من ليس …