من يرشدنا إلى أين اختفت وزارة الصحة ؟

الدكتور سهيل الصويص –

 

الأول نيوز – يمر الأردن منذ اَذار 2020 بكارثة وبائية فتاكة أودت حتى اليوم بحياة 12403 أردنيين فيما تجاوز المصابون المليون شخص .
منذ أن تأسست أول وزارة صحة في الأردن في 14 ديسمبر 1950 أُوكلت إليها المسؤولية بتقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والرقابية. هل يعقل والوضع الصحي في المملكة قد تدهور بصورة كارثية منذ شهر أن نشهد هذا الغياب الكامل لوزارة الصحة؟ من يرشدنا إلى أين ذهبت وزارة الصحة منذ بداية ديسمبر الذي بلغ عدد وفيات فيه حتى اليوم 795 أردنيا؟
عندما غادر المستشفى في 12 ديسمبر 111 مصابا 41 منهم موتى و 40 في 18 من الشهر نفسه، من 107 مصابين غادروا المستشفى.
ألا يستحق ذلك إطلالة من وزير الصحة ليفسر لنا كيف أصبحنا في المركز الإقليمي الأول بعدد الوفيات الكثيف هذا، وكيف فقدنا يوم الخامس من ديسمبر المشؤوم أرواحا أكثر من بريطانيا وقد كان تعداد الإصابات لديهم عشرة أضعاف الأردن ؟
أليس هؤلاء الذين يرحلون عنا أردنيين؟ أخبرونا بربكم لِمَ يموتون؟ أليس من حق ذويهم المنكوبين ونحن الذين ننتظر دورنا أن تعترف الوزارة بالثغرة التي يدخل منها الموت ولا نقول يتسلل فالأبواب مفتوحة من دون حراسة، اللهم سوى مندوب عن الوزارة لإحصاء عدد الجثامين وبثها في نشرة الآخبارية.
تسلحوا بالشجاعة وأعلمونا كم هي أعمار من تركناهم يرحلون وكم منهم تحت سن الأربعين بل والثلاثين ونحن في بلد 83.3 % من سكانه تحت سن ال 44 وكم منهم من أُعطوا مطعومين أو ثلاثة ؟
تحت أي رمال تدفن وزارة الصحهة راسها تاركة الحلبة لمن تدثروا بعباءتها وغدوا وحدهم يحملون في جعبهم ملف الكورونا ويتحدثون عن الوباء ويصدرون النصائح والأرقام والتعليمات ويخططون للغد وكأننا من دون وزارة صحة وطنية ؟
هل تلاشت حقا وزارة الصحة من شارع الأمير حمزة ونصبت خيامها في الدوار الرابع ؟ ماذا يعني بهذا التوقيت إعادة إحياء المركز الوطني للأوبئة المستقل كليا عن وزارة الصحة حتى لو كانت رئيسته هي العضوة الوحيدة بالمركز، وقد تحدثت بموضوعية وعلمية وواقعية كم تمنينا أن تتبعها وزارة صحتنا المفقودة.
ماذا يعني أن يحتل مستشار الرئيس الجديد للشؤون الصحية مكانة وزارة الصحة ويمطرنا من دون انقطاع بأرقام ومعلومات صحية بل وخطط مستقبلية من اختصاص الوزارة اَخرها أنهم ( من هم ) يتدارسون إمكان جعل الجرعة الثالثة إلزامية ؟ أليس هو نفسه الذي كان الذراع الأيمن لوزير الصحة من 29 اّذار إلى 28 نوفمبر وكانت تصريحاته بالقطارة فمن أين جاءه هذا النشاط المفاجئ يا ترى ؟ وكلنا نعلم بأن المستشار الصحي الحقيقي للرئيس هو وزير الصحة نفسه، فهل يعني ذلك أنه لم يعد يحظى بالدعم وهل هناك يا ترى تطنيش وتهميش متعمد لمعاليه فغدت الرئاسة هي التي تتحدث بأمور صحتنا للتغطية على تقصير الوزارة الذي طال. لكن لٍمَ يا ترى انتظرت طويلا ؟
في نشرات الثامنة وحدهم أعضاء لجنة الأوبئة هم من يتحدثون ويصدرون الفتاوى، لكن ما نعرفه أن لجنة الأوبئة قد تم وأدها منذ شهور ولم تجتمع ولم تصدر توصيات ولم تعيّن ناطقين رسميين باسمها وجميع هذه الأصوات التي غدت الملاذ اليومي للأردنيين في غياب تصريحات رسمية للوزارة تروي عطشهم ما هي سوى اجتهادات شخصية من أناس يعرفون بالوباء لكن ليس لهم أي صفة رسمية وليسوا في النهاية سوى معلقين إخباريين ليس إلّا .
لا نأبه بخفايا ما تشهده الساحة الصحية من غموض وأسرار فكل ما نعرفه أننا لسنا بخير بل بخطر، والأرقام المتوفرة سوداء وتهدد كل بيت، وان وزارة صحتنا الحالية تخيب اَمالنا من دون انقطاع وتتحدى علنا صحة الأردنيين منذ البداية وبحزم وتصميم من خلال رفضها المطلق لوجود خبراء أوبئة ضمن طاقمها القيادي والعدو هو وباء برغم أن وزيرنا ليس له أية خلفية بعلم الأوبئة بل وتم استبدال طبيب أمراض معدية بطبيب عظام لشغل منصب الأمين العام واغتالت عن سبق إصرار وتصميم لجنة الأوبئة المرجعية الحيوية لصحتنا وأعادتنا للقائمة الحمراء وحطمت السياحة الوافدة باجتهاداتها المبتكرة ولم تقم بواجبها بحشد طاقم من اختصاصيي الإنعاش التنفسي لوقف مسلسل الوفَيات المتواصل في مستشفياتها وتقديم العون للأبرياء فإن كنتم يا سادة القرار حقا غير مغتبطين مما يجري فلِمَ انتظرتم طوال هذه الأسابيع بل الشهور لتعيدوا للأردني المحبط بسمة أمل وثقة بغده.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

حق الدولة في الحياد

الاول نيوز – د. خالد الحريرات البطوش في روما القديمة ساد منطق ان من ليس …