أزمة دولة.. أم أزمة نواب ؟!

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – بعد أن هدأت الأعصاب قليلا، وبعد أن انخفض منسوب التعليقات والصخب في دولة السوشيال ميديا، لنتحدث بأفق أوسع، ونقرأ الواقع بعقل واعٍ، ونحاول أن نشخص الامور بأعلى قدر من الموضوعية.
بتواضع شديد؛ أرى أن ما حدث من صخب وفوضى تحت قبة البرلمان في الجلسة الشهيرة، لا يدل على أزمة في ثقافة النواب، بل يدل على أزمة أعمق في معدة الدولة عموما.
والأزمة الأكبر التي لم نتخلص منها برغم المنعطفات جميعها، استمرار الثُّنائية بين الدولة والإخوان برغم المياه الكثيرة التي فاضت في الاشتباكات بين الطرفين، لكن “شعرة معاوية” لم تنقطع يوما.
في الجلسة الشهيرة، تهورت الدولة كثيرا، وفتحت ملف التعديلات الدستورية، ومخرجات لجنة الإصلاح، قبل أن تُنضج تفاصيلها في عقول النواب، وقبل أن تجد لهم طرقا التفافية أمام جمهورهم الغاضب من كل شيء.
هذا التهور وهذه السرعة، يمكن قراءتهما بعمق الأزمة في بنيان مطابخ صنع القرار، وأن الاختلافات في دعم هذه التعديلات ومشروع الاصلاح المقبل، دفعت الأطراف إلى رمي القنبلة داخل قبة البرلمان، لكي تنفجر بعيدا عنهم، ولا تنفجر في أحضانهم، حتى يتبرأوا منها لحظة المحاسبة.
جماعة الإخوان المسلمين، التقطت اللحظة، وفي مشروعها الاستراتيجي التسخيني، دخلت في عضوية لجنة الإصلاح وانقلبت على مخرجاتها وهاجمتها في الشارع والبرلمان، وانتفضت في نقابة المهندسين، وصوت مهندسوها على مجمل التعديلات حتى التي تصب في تحسين أحوالهم المعيشية والمهنية، وثاروا في البرلمان حتى يتم وأد التعديلات الدستورية ومشروع الإصلاح، ليفتحوا أوتيسترادات في الشارع الغاضب المحتقن.
أزمة الدولة ليست في المشروع والقوانين، فالأزمة الأعمق في الأشخاص والأدوات التي يجب ان تمرر هذا المشروع، فالحكومة ثبت أنَّ صمتها أفضل بكثير من خطابها، وقد جُربت في هذا أكثر من مرة، ولا تستطيع الدفاع عن أي من المشروعات.
وقيادة دفة البرلمان، (برغم الخبرة الطويلة، وخيار الدولة الذي شبه انهزم في انتخابات الرئاسة واللجان ولم يتوقف أحد عند تفاصيله كثيرا) كانت أحد الأسباب في تأزيم الجلسة، وتنمرت بلحظات لم تكن تستجوب التنمر، وفقدت السيطرة على مجريات الجلسة بعدم ضبط التجاوزات، وضعف الاستجابة لصوت الرئاسة وجرسها.
الأزمة أعمق من طوشة ومشاجرات، وقبل أن يبدأ النقاش حول البند الأول “الأردنيات” كان التحالف واضحا بين الإخوان والمحافظين والرافضين في مواقع صنع القرار، فحصل ما حصل، والباقي تفاصيل…..
الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

لا حياد في العدوان.. صواريخ تفرح القلوب

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز –  العدوان الصهيوني على إيران لا حياد فيه، فكل …