إمتحان إرادة التغيير.. الشعارات والوعود لا يكفيان !

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – حجم الإحباط واليأس اللذين يسكنان عقول وقلوب المشتغلين بالعمل العام لا يمكن زحزحته بفيضان من الشعارات والوعود.
مهما كانت شعارات المرحلة الأكثر رواجا في العملية السياسية والانتخابية التي بدأت مظاهرها في شوارع العاصمة والمدن الأردنية منذ فجر الاثنين، هو شعار التغيير، الذي انضوت تحت جناحيه شعارات (الدولة المدنية الحديثة، والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية والمساواة الإنسانية والمواطنة والنهضة والنمو).
نعلم أن التغيير لا يتحقق بالشعار، وإنما بالبرنامج الواقعي الملموس، في القضايا الوطنية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
امتحان إرادة التغيير، يتحمل الجميع مسؤولية الإجابة عليه، من الناخب أولا، والمرشح ثانيا، والقوى السياسية ثالثا، وصنّاع القرار رابعا.
شرائح مهمة في صناعة القرار لا تزال تلتف على استحقاقات التغيير وتقاومها أو تدير أظهرها لها. ولهذا جاء التغيير شحيحا في الفترة الماضية، واقتصر على الجانب السياسي فقط، وتراجعت فيه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية إلى هذه الدرجة من البؤس. وعلى الأربعة ثوابت التي جاءت في الأوراق النقاشية التي طرحها جلالة الملك استحقاقات كثيرة على كل قوى الشد العكسي التي تستوطن مراكز صنع القرار، التراجع والانكفاء جانبا، أو التناغم مع هذه الثوابت، لا وضع العصي في الدواليب.
عند القوى السياسية، تأتي الانتخابات فرصة لامتحان برامجها مع الناس، بحيث تتقدم بهذه البرامج ورؤيتها للتغيير وتناقشها مع الناس، تُجاه تطويرها والتأكد من أنها تستجيب لكل مصالح الفئات الشعبية، وهذا يعني أن قوى المقاطعة خسرت هذه الفرصة، في التواصل المباشر مع الناس، واكتفت بالحرد السياسي، وهو يشبه حرد الإنسان من بيته أو جامعته، فالخسارة تعود عليه أولا وأخيرا.
بالنسبة للمرشح والقوائم على وجه الخصوص، فإن إرادة التغيير تعني مشاركة الشعب في همومه وآماله وطموحاته، وتعزيز التواصل مع كل فئاته بالحوار المباشر الذي لا يخلو من النقد والتقويم والمرارات. بحيث يقدمون برنامجا وأجوبة، ويَعِدون بالنضال من أجل تحقيقهما فيما لو قُيِّض لهم النجاح.
أما بالنسبة للناخب، وهو حجر التوازن في المرحلة المقبلة، في الانتخابات البلدية ومستقبلا في الانتخابات النيابية، فعليه تجاوز المزاج السلبي الحاد الذي يلف المجتمع الأردني من مستوى أداء الحكومة الباهت، وسلوك النواب الصاخب، ومن رداءة أداء القطاع العام والفشل المتراكم في كل أزمة نمر بها.
تبقى القضية الأساس هي كيفية بناء الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين، فالقناعة بأن عقل الدولة بات مقتنعا بالتغيير، وبالحياة الحزبية والبرلمانية، وتطوير مفاهيم العدالة والمواطنة والمكافحة الحقيقية للفساد وغيرها من عناوين الدولة العصرية لا تزال بعيدة المنال، وتحتاج إلى فحص حقيقي على ارض الواقع.
الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

متى يصمت المحللون والمعلقون؟!

  أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – تابعت في اليومين الماضيين عدة مقالات وتحليلات …