أسامة الرنتيسي – الأول نيوز –
ودعت الفحيص وماحص بجنازة مهيبة، المعلم المحترم محمد المر الذي خدم في سلك التربية والتعليم نحو نصف قرن، كان خلالها المعلم النموذج، الذي لا تزال بصماته راسخة في أذهان الطلبة وأهالي الفحيص حتى الآن.
المعلم محمد المر جاء خريجا من معهد طولكرم إلى مدارس الفحيص في بداية السبعينيات شابا قُد من الصوان، بالحزم والرزانة والكاريزما الواثقة.
معلم بتخصص زراعة، عندما كان للزراعة مادة تدرس في الصفوف الإعدادية، وكان لها حضور في الحياة العامة.
شخصية حازمة لا يمكن للمرء إلا أن يعجب فيها، ثقيل جدا في التعامل مع الطلبة وذويهم، فرض حضورا مميزا في حياة أجيال كثيرة درَّسها في الفحيص.
أبو نضال عاش زهرة شبابه وكهولته في الفحيص وماحص، وشكل مع كوكبة مميزة من المعلمين قلادة جميلة.
في وداع معلم مثابر بوزن أبي نضال، سيرته الطيبة لا تزال على ألسنة قوافل كثيرة من الطلبة الذين تخرجوا على يديه، نتذكر مناقب المعلمين الذين كانوا يمثلون السلطة الاعتبارية الوحيدة في القرى والأرياف، وكانوا أبرز عناوين قادة الرأي في تلك الفترات.
باعتراف معظمنا، افتقدنا هذه الأيام المعلم الذي يرسخ اسمه في الأذهان مثل المعلمين الأوائل، الذين كان دورهم يتجاوز التعليم الى التربية، وحضورهم الفعال في المجتمع المحلي، بحيث يتابعون الطلبة بعد انتهاء اليوم الدراسي، كما كانوا مساهمين في تدعيم التربية والحس الوطني لدى الطلاب، وكانوا يقدمون نماذج في القدوة والخلق الحسن.
قبل سنوات ذهبنا مجموعة أصدقاء في عمر الخمسين، لتقديم واجب التعزية بوفاة زوجة المعلم الجليل المرحوم محمد المر، مكثنا ما يقارب الساعة في منزله، لم يتجرأ المدخنون منا على إشعال سيجارة أمامه.
أتذكر ما حصل يومها كلما أسمع حديثا عن ممارسات تقع هذه الأيام في مدارسنا عندما يطلب معلم سيجارة من طالب، أو سلفة عشرة دنانير، أو (سي دي) من إياهم..، أنا لا أعمم لكن في القلب غصة.
في الذاكرة قلادة ذهبية من المعلمين المتميزين رحم الله من اختاره، والعمر المديد للآخرين، تتلمذنا على أيديهم في مدارس الفحيص الحكومية، لا تزال الذاكرة تختزنهم، وتقدر انتماءهم وعطاءهم، بدءًا من الأساتذة محمود بنات ومحمد غنيم وإلياس غانم ومنصور مصطفى منصور ومحمد أحمد شحادة وفؤاد غطاس وأحمد البداد وحسن سرحان وحسين الخباص، وليس انتهاء بالأساتذة زاهي صويص ومحمد المر وكامل زيادات ومشهور السعايدة وزيد زيادات وعزمي حويطات..