بلكان: مصابيحُ مسرّة لا تذوب

موسى برهومة   –

 

الأول نيوز – بغياب بلكان، لا ينقُص كرسيٌّ في السهرة، بل تُتنزع السهرة كلّها، فما بالك إذا كان الغياب طويلاً وفادحاً؟

أتحدث عن السهرة وعن بلكان، لأشير إلى فرح سريّ كان تبثه هذه الأميرة في ليلنا، فتشتعل مصابيحُ مسرّة لا تذوب.

كانت ابتسامتها تسبقها في كلّ حين. قلّما رأيتُها متجهّمة، وقلّما أصغيتُ إلى حديثها الذي يتدفّق منها كشلال إلا وكان حديثاً طيباً خالياً من النميمة والأذى، كأنّ روحها أتقنت المحبة، ولا شيء سواها.

مشرقةً على الدوام، رغم ما عصف بها وبأسرتها من أزمات تهدّ الجبال. كان في أعماقها أمل كثيف، من دون أن تتورّط في تأطيره أو فلسفته. هي هكذا وحسب منذورة للبهجة والصفاء.

لا أفتش عن كلمات كي أكتب عن بلكان. الصور تندلع في رأسي كالحريق؛ فتلسع كلّ ما هو حي ويقِظ في ذاكرتي. لذا من الصعب أن أتخيل أنّ روحاً شفيفة مسكونة بكلّ هذا البهاء يمكن أن تغيب.

تقطّعت أخبار بلكان عني فترة، بسبب غيابي الطويل عن عمّان، ورحيلها إلى قبرص، لكنني أذكر آخر مرة التقينا في منزلها بالرابية، وتابعنا مباراة ليفربول وتشيلسي، في نهائي كأس السوبر الأوروبي 2019، برفقة زوجها الرائع نعيم، وابنتها بيسان وزوجها، والصديق ماهر سلامة. كانت أمسية كسائر الأماسي العطرة، مضمّخة بالعطاء والكرم. كانت بلكان سخيّة تمطر جمالاً ورقة، وكانت أبدعَ ضيافة لي أنها آزرتني في تشجيع ليفربول.

لا أحبّ تنميط الناس في أطر الذكاء العاطفي والاجتماعي، لكنّ بلكان كانت التعبيرَ الأشدَّ سطوعاً عن الإنسانة التي تمتلك الإرادة المتفائلة.

لا أرغب أن أغرق في الحزن الشديد، رغم أني أتخبّط في مياهه السوداء المالحة الآن.

 يلزمني وقتٌ طويل كي أدرك أنّني في المرة المقبلة، حين أزور نعيم وبيسان ولبيبة وماريا، لن أحظى بعناق بلكان.

لترقد روحك بسلام يا سيدتي.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

9 سنوات على انطلاقة “الأول نيوز” ..الهواء النقي

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز –  نمضي في مسيرة متعبة مرهقة مقلقة ونحن نقف …