هل “صالون هدى” أسقط الجميع؟!

منى حلس –

 الأول نيوز – في مجتمعِنا الفلسطينيّ، وحتى الطبقةُ التي تصنفُ بالمثقفةِ لم يستطيعوا إجادةَ قواعدِ النقدِ البنّاء، وأثبتوا أنهم لا يعلمون شيئاً عن التوازن في إبداءِ الرأي.

فترى جهةً رافضةً..ناقمةً..مهاجمةً وبشراسة، وأخرى مستميتةً في الدفاع، حتى لو كانت تدافعُ عن باطل، لمجردٍ فقطْ أنْ تثبتَ مدى تحررِها الفكريّ! والبعضُ من هذه الفئةِ تحديداً يتجهون دوماً لسياسةِ “خالفْ تُعرفْ”، ولذلك فهم يتفننون في أساليبِ الاستفزازِ الذي كلما زاد وجدوا أنفسَهم أكثر!

وهذا ما حدث تماماً مع فيلم “صالون هدى” للمخرجِ الفلسطينيّ “هاني أبو أسعد”..الذي لم يُنصفْه دفاعٌ ولم يؤثر به هجوم، لكون الرأيين  سقطا في وحلِ التعصبِ الفكريّ واجتمعا على الحدّةِ في الأسلوب!

المفارقةُ هنا تكمنُ في أنّ الغالبيةَ العظمى من المهاجمين والمدافعين لم يشاهدوا الفيلم، ورغمَ ذلك، فكلاهما تبنّى موقفا من اللاشيءِ المعتمدِ فقطْ على (سمعنا وقيل لنا)! 

وهنا لا يفترِقُ كثيراً الناقدُ المثقفُ عن المشاهدِ البسيط، فالأخيرُ تأخذُه دوماً الحَميّةُ الدينية والمجتمعية والقبلية،  والأولُ منساقٌ في اللاوعي لعقدةِ التحرر، والذي يستحلُّ لأجلِ حلِها عملَ أيِ شيءٍ كي يثبتَ مدى تحضرِه وتجردِه من التخلفِ في وجهة نظره!

وعندما نتحدثُ عن التوازنِ حولَ هذا الفيلم؛ يكفينا أنْ نعلمَ أنَّ موضوعَ الفيلم يتناولُ قضيةَ (الإسقاطِ والعمالة) التي هي في غايةِ الأهمية، وكم عانى منها المجتمعُ الفلسطينيّ كما عانت منها كلُّ شعوبِ الأرض، وأثّرت على القضيةٍ الفلسطينية ، وإنّ خروجَها بشكلٍ دراميٍ من خلالِ فيلمٍ ما هو إلا مقاومةٌ فنيةٌ تبينُ للعالمِ أجمع أنه كيف يحاولُ الاحتلالُ أنْ  ينخُرَ في الجسدِ الفلسطينيّ المتماسك  بأقذرِ الأساليب وأحطِ الوسائل للوصولِ إلى مبتغاه.

أمّا عن أدواتِ المخرجِ التي يجبُ أنْ تتناسبَ مع جرأةِ هذا الموضوع من خلالِ الحبكةِ الدراميةِ والمشاهدِ والسيناريو وغيرِ ذلك فهي ضرورةٌ حتمية.. ولكنْ أنْ تصلَ هذه الجرأةُ لمشهد فتاة وشابٍ عاريين تماماً؛ بغرضِ التنفيرِ والاشمئزازِ من عملياتِ الإسقاطِ واعتبارُه جرأةً درامية فهذا أمرٌ لن يحتملَه الكثير ومبتذلٌ ومستهجن، ليس فقطْ في مجتمعٍنا الفلسطينيّ فحسب بل في جميعِ الدولِ العربية.

هل المخرج قد  انتهتْ أدواتُه الإبداعيةُ في إيصالِ رسالتِه ولمْ يظلَّ أمامَه سوى مشاهدِ عري كامل أقرب للإباحية ؟!!! 

وبعيداً عن فيلم “صالون هدى”، شئنا أم أبَينا، فالفن هو مرآةٌ صادقةْ  تعكِسُ همومَ الشعوب وتنقلُ معاناتَهم  ومخاوفَهم وطموحَهم.  وفيلم التسلية مختلفٌ تماماً عن الأفلامِ التي تحملُ فكرا وتدافعُ عن قضية.

فما بالُنا بفيلمٍ يحاكي المجتمعَ الفلسطينيَّ القابعَ تحتَ احتلالٍ ليس كأيِّ احتلال… لذلك يجبُ التعاملُ في إخراجه للنور بحذرٍ وحرصٍ شديدين واعتباره سلاح مقاومة قوي يتوجبُ أنْ يصوب بحكمةٍ بالغة..وأن ينسى  المخرجُ هنا (الأنا الإخراجية) قليلاً وليس نهائياً؛ ليطوعَ هذا العملَ في خدمةِ قضيتِه. ( دنيا الوطن)

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

سندويتشات ذوقان ليوم الجمعة

 د. ذوقان عبيدات – الأول نيوز –   (١) أسئلة التوجيهي تتفاوت اتجاهات الطلبة نحو …