الأول نيوز – يوافق (11 آذار/مارس) ذكرى استشهاد المناضلة الفلسطينية دلال المغربي، وإحدى عشرة فدائيًا، وأسر اثنين آخرين.
والشهيدة دلال المغربي واحدة من أشهر المناضلات الفلسطينيات، ولدت عام 1958 في أحد مخيمات الفلسطينيين في بيروت، وهي ابنة لعائلة من مدينة يافا لجأت إلى لبنان عقب نكبة عام 1948.
تلقت دلال تعليمها الابتدائي والإعدادي في المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية في المخيم، وقررت الانضمام إلى صفوف الثورة الفلسطينية، والعمل في صفوف الفدائيين في حركة “فتح”، وهي على مقاعد الدراسة، وتلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، وعرفت خلال اجتيازها هذه الدورات بجرأتها وشجاعتها وحسها والوطني الرفيع وإخلاصها لفلسطين وأهداف وطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال.
وكان لاغتيال القادة الفتحاويين الثلاثة؛ كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار على أيدي وحدات صهيونية خاصة عام 1973، في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، حافز قوي لأن تشرع دلال ومجموعاتها الفدائية، في التخطيط والتحضير لعملية كبيرة، إلى جانب ما كانت تتعرض له المخيمات الفلسطينية من عدوان صهيوني مستمر، حيث شكل عاملاً محفزاً إضافياً، ناهيكم عن البؤس الذي كانت تعيشه أسرتها شأن سواد قاطني المخيمات، نتيجة هجرتهم القسرية التي ما كانت لتحدث لولا الاحتلال الصهيوني لبلدها فلسطين.
تشكلت فرقة دير ياسين من 13 فدائياً، أشرف على وضع خطتها وتجهيزها وإعدادها، الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، وكانت مهمة الفرقة القيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني، وتحديداً (شاطئ هرتسيليا) والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه الى “تل أبيب” لمهاجمة مبنى الكنيست الإسرائيلي، حيث تولت دلال المغربي التي كانت في العشرين من عمرها مسؤولية الفرقة، وأطلق على العملية الفدائية اسم الشهيد “كمال عدوان”.
وفي صباح 11/3/1978 نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الصهاينة من اكتشافها. ونجحت دلال وفرقتها في الوصول نحو “تل أبيب، والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل ابيب لمهاجمة مبنى الكنيست الذي كان في حينه هناك، قبل أن ينقل إلى مدينة القدس .
فعملت قوات الاحتلال على تعطيل إطارات الباص ومواجهته بمدرعة عسكرية لإجباره على الوقوف.. حاولت المجموعة الفدائية مخاطبة الجيش بهدف التفاوض، وأملا في ألا يصاب أحد من الرهائن بأذى لكن جيش الاحتلال رفض أن يصغي لصوت الفتاة اليهودية المغربية، التي حاولت محادثتهم من نافذة الباص بل إن الجيش أعلن عبر مكبرات الصوت أن لا تفاوض مع جماعة (المخربين) ويقصد الفدائيين، وأن عليهم الاستسلام فقط.
ثم أصدرت دلال أوامرها للفرقة بمواجهة قوات الاحتلال وجرت معركة عنيفة ضربت خلالها دلال المغربي ومجموعتها نماذج في الصمود والجرأة في الأوقات الصعبة عندما نجحت في اختراق جيش العدو الإسرائيلي ومقاتلته بأسلحتها البسيطة التي استخدمتها في آن واحد. أصيبت دلال واستشهد ستة من المجموعة وبدأ الوضع ينقلب لمصلحة جيش العدو، خاصة وأن ذخيرة الفرقة بدأت في النفاذ. كانت قوات الاحتلال خلال هذا المشهد تطلق قذائفها باتجاه الباص، غير مبالية بالإسرائيليين الرهائن المحتجزين فيه، فسقطوا بين قتيل وجريح وظهر للمجموعة أن الوضع أخذ في التردي خاصة وأن دلال أصيبت إصابة بالغة.
استشهدت دلال المغربي ومعها أحد عشر من الفدائيين، وأسر اثنين آخرين من الفرقة، بعد أن كبدت جيش الاحتلال حوالي (30 قتيلاً وأكثر من 80 جريحا) كرقم أعلنته قوات الاحتلال.
يُذكر أن سلطات الاحتلال ما زالت حتى الآن تحتجز جثمان الشهيدة دلال المغربي في “مقابر الأرقام”.
أسماء الفدائيين
– دلال سعيد المغربي {جهاد} مواليد بيروت،(20) عام، المفوض السياسي للمجموعة، أصيبت برصاصة فوق عينها اليسرى واستشهدت، وإنتشرت صورة لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أيهودا باراك وهو يقطع بجثة المغربي حقدا وغلا.
– محمود علي أبو منيف {أبو هزاع} مواليد نابلس، 1960، قائد المجموعة، أصيب في جبهته واستشهد.
– الأسير حسين فياض { أبو جريحة} مواليد غزة- خان يونس 1960، أوكلت له قيادة المجموعة بعد إصابة أبو هزاع بدوار، وبقي القائد حتى بعد تحسن حالة أبو هزاع، تم اعتقاله بعد العملية وحكم عليه بالمؤبد.
– أبـو الرمــز.. (18) عاما، تظاهر بالاستسلام للقوات الإسرائيلية وعندما اقتربوا منه التقط الكلاشينكوف المعلق بكتفه وقتل مجموعة من القوات الإسرائيلية، أصيب بعدها واستشهد.
– الأسير خالد محمد أبراهيم ابو إصبع {أبو صلاح} مواليد الكويت (18) عاما، أصيب في يده، تم اعتقاله بعد العملية وحكم عليه بالمؤبد، ويقيم حاليا في العاصمة الاردنية عمان.
– حسين مراد {أسامة} مواليد المنصورة 1961 ،15 عاما، لبناني الأصل، أصغر أفراد المجموعة سناً، أصيب بطلقة في رأسه واستشهد.
– محمد حسين الشمري {أبو حسن} مواليد شمر – اليمن 1958 ،(18) عاما، يمني الأصل، ارتبط مع الفلسطينيين بوشائج الدم، كان يحب فتاه فلسطينية اسمها فاطمة كان سيتزوجها بعد العملية، حتى يحقق أمنيته بأن يصبح الفلسطينيون أخوال أولاده، أصيب أثناء العملية بكسر في قدمه اليمنى ثم أصيب برصاصة أدت إلى استشهاده.
– خالد عبد الفتاح يوسف { عبد السلام} مواليد طولكرم 1957، (18) عاما، غرق قبل أن تصل المجموعة إلى هدفها وذلك بعد أن انقلب الزورق الذي كان يستقله هو ورفاقه فنجا بعضهم وغرق هو وفدائي آخـر واستشهدا.
– عبد الرؤوف عبد السلام علي { أبو أحمد} مواليد صنعاء – اليمن 1956، يمني الأصل، غرق بعد أن انقلب الزورق.
– محمد محمود عبد الرحيم مسامح { فاخر النحال} مواليد طولكرم 1959، فلسطيني من مواليد الكويت، قناص، أصيب في عينه برصاصة قاتلة أدت إلى استشهاده.
– عامر أحمد عامرية {طارق بن زياد} مواليد المنية – طرابلس 1953، لبناني الأصل، استشهد بعد إصابته برصاصة قاتله.
– محمد راجي الشرعان {وائل} مواليد صيدا 1957،17 عاما، دائم الابتسام حتى خلال العملية، أصيب برصاصة في بطنه أدت إلى استشهاده.
– يحيى محمد سكاف {أبو جلال} لبناني، مواليد المنية – طرابلس 1959 أصيب في العملية، شهادات الصليب الأحمر تقول أنه كان محتجزاً في السجون الإسرائيلية، ولم يعترف العدو الإسرائيلي بوجوده في سجونها.
– محمد حسين الشمري {أبو حسن} مواليد شمر – اليمن 1958، أصيب واستشهد فيما بعد.
خالد أبو إصبع.. قصة تختزل حكايا شعب فلسطين
في نظر أبناء الشعب الفلسطيني مقاوم يستحق الاحترام والتقدير، وفي نظر بعض القياديين “مشاكس أثار فضيحة على الفضائيات”، بينما هو في عيون الإسرائيليين مجرد “إرهابي” عمد على قتل مدنيين أبرياء.
إلا أن الفدائي السابق خالد أبو إصبع (60 عاما) ينفي الرواية الإسرائيلية، ويؤكد أنه مثل بقية الفلسطينيين الذين شعروا بمرارة الظلم الذي لحق بهم، وكان يجب عليه كما غيره أن يقدم شيئا في سبيل فلسطين. يقيم أبو إصبع حاليا في عمان.
زار أبو إصبع فلسطين ثلاث مرات وفي كل زيارة مناسبة تخلص مرحلة من حياة الشعب الفلسطيني . المرة الأولى، عندما كان طفلا في السابعة من عمره، جاء في عطلة الصيف مع والدته إلى فلسطين عام 1967، قبل النكسة بأيام، وعلق هنا أسابيع قبل أن يخرج منها لاجئا مع جموع اللاجئين. رأى أبو إصبع الأرتال الإسرائيلية على جنبات الطرق في الضفة الغربية، فيما حطام الآليات الأردنية تمتد حتى نهر الأردن. يقول أبو إصبع إن مشاهد تلك النكسة مازالت راسخة في ذهنه.
المرة الثانية كانت في آذار عام 1978، عندما عاد أبو إصبع إلى فلسطين شابا فدائيا عبر زوارق مطاطية، في عملية الشاطئ الشهيرة، التي أسفرت عن مقتل 37 إسرائيليا وجرح 82 آخرين، واستشهاد 11 من رفاقه، بينهم الفدائية دلال المغربي. أما الثالثة فكانت عام 2009، عندما شارك في مؤتمر حركة فتح السادس ببيت لحم، بعد أن دخل الفلسطينيون مرحلة التفاوض مع إسرائيل. انتخب أبو إصبع عضوا في المجلس الثوري للحركة.
روى أبو إصبع ( 60 عاما) حكايته على مدار ساعتين، في منزله بالعاصمة الأردنية عمان .
” أبو صلاح” كما يحب أن ينادى، كان يرتدي سترة سوداء، لتقيه برد ديسمبر الحالي، وقد بدت مهترئة في بعض جوانبها، لكن السترة ذاتها تخفي أثار إصابته بالرصاص في كتفه وظهره أثناء مشاركته في عملية الشاطئ. الشيب غزا رأس أبو إصبع، وأصبح يرتدي مؤخرا نظارة طبية بعد أن أصاب الضعف عينيه.
يقول أبو إصبع، وقد اعتلت ابتسامة شاحبة وجهه، إن برنامج ” جمهورية دلال” الذي بثته الجزيرة عام2008، سلط الضوء على قضيته، بعد أن كان في طي النسيان.
أبو إصبع وهو متزوج وله ولدين. كان يعمل سائق أجرة في مدينة الزرقاء، قبل أن يقول “أبو صلاح” إنه اضطر للعمل سائقا كي يلبي حاجات أسرته، فراتب منظمة التحرير (250 دولار) لا يسد رمق الأطفال.

الميلاد والنشأة
ولد خالد أبو إصبع في الكويت عام 1960 لعائلة فلسطينية من قرية علار بمحافظة طولكرم. ما تزال ذكريات حرب عام 1967 ترسخ في أذهان أبو إصبع.
أنهى أبو إصبع المرحلة الدراسية عام 1973. بعد ذلك عمل أبو إصبع لمدة عامين، متنقلا بين عدة أعمال، قبل أن يحسم أمره في عام 1975، بالالحتاق بصفوف حركة فتح. تدرب أبو إصبع في معسكرات الحركة في سوريا، ثم انتقل للعمل في الوحدة الخاصة في بيروت. قبل ان ينتقل إلى معسكر”القاسمية” جنوب مدينة صور.
عملية دلال المغربي
خليل الوزير “أبو جهاد” الرجل الثاني لمنظمة التحرير زار الوحدة الخاصة، نهاية عام 1977، وأخبر أفراد الوحدة بأن أمامهم عملا عظيما، من دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل، وقال لهم إن من يريد المشاركة عليه أن يخضع لمزيد من التدريبات القتالية وتدريبات أخرى في البحر، بحسب ما نشرته جريدة “الشرق الأوسط اللندنية”.
يروي أبو إصبع:” إن عملية الشهيد كمال عدوان كانت تهدف إلى إرسال رسائل سياسية بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي من تتحدث باسم الفلسطينيين، وليس الرئيس المصري أنور السادات، خاصة بعد زيارة القدس، فضلا عن تقوية موقف أبو عمار أمام السوفيت، خاصة وأنهم يتلككون في تزويد المنظمة بالأسلحة”.
ولم يبق على قيد الحياة من فدائيي العملية سوى حسين فياض الذي الذي يعمل حاليا في السفارة الفلسطينية في الجزائر..
وتمكن الفدائيون بعد أن وصلوا شواطئ فلسطين من إخفاء الزوارق، وسيطروا على حافلة ركاب كانت تتجه نحو حيفا. تم تحويل مسار الحافلة نحو تل أبيب، وبعد ما قطعت الحافلة مسافة معينة، بدأت الملاحقة من الشرطة المدنية والدوريات العسكرية بمطاردة الحافلة.
أثناء هذه المطاردة أطلقت قوات الاحتلال قذيفة نحو مقدمة الحافلة، مما أدى إلى توقفه، على ما يقول أبو إصبع.يضيف:” عندما هممنا أنا ومحمد سعد بالنزول من الباص، وجدنا الفدائية دلال المغربي جالسة في الممر بين الكرسيين الأولين، وظهرها مائل على أحدهما، كان الكرسي يحترق، والدم يسيل من رأسها، قالت لي يا أخوي يا ابو صلاح ارفعني لفوق، ما في شي، بس خذ كلاشني( كلاشنكوف) على الأرض”.
ولم يبق من عناصر المجموعة سوى 3 أفراد، بعد استشهاد 8 منهم داخل الحافلة. في الأثناء قصفت قوات الاحتلال الحافلة مما أدى إلى احتراقها بالكامل. واستشهد اللبناني يحيى السكاف خلال اشتباك مع قوات الاحتلال بعدما حاول ايهامهم بالاستسلام. يقول أبو إصبع:” بقيت أنا وحسين فياض، بين الأشجار إلى أن تم إلقاء القبض علينا بعد نفاد ذخيرتنا”.
يرفض أبو إصبع ما روجته إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه ورفاقه استهدفوا المدنيين. يقول إن إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على الحافلة هو من تسبب في وقوع الضحايا بين المدنيين”.
تعرض أبو إصبع للتعذيب في فترة الاعتقاله، إلى أن تم الحكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه خرج من السجن بعد 7 سنوات في إطار صفقة “القيادة العامة” عام 1985