الأول نيوز – أجمع خبراء ومحللون سياسيون، أن الهدف الأساس من الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى الشرق الاوسط، هو المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى، وتأكيد مكانة إسرائيل الإقليمية وتعزيز أمنها. لافتين إلى أن القضية الفلسطينية ليست أكثر من مجرد بروتوكول جاء على أجندة الزيارة الرسمية نحو المنطقة.
وقد بدأ الرئيس الأمريكي، اليوم الأربعاء، زيارته لمنطقة الشرق الأوسط، حيث سيصل إلى إسرائيل في زيارة تستمر يومين.
ومن المتوقع أن تحط طائرته في مطار بن غوريون الساعة الثالثة والنصف عصراً، وفق ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية (مكان).
وسيرافق الرئيس الأميركي، وزير الخارجية، أنتوني بلينكن ورئيس مجلس الأمن القومي، جاك سوليفان، ووفد يشمل مسؤولين رفيعي المستوى أيضا.
وسبق أن أعلن البيت الأبيض أن بايدن سيجري أول زيارة له إلى الشرق الأوسط في الفترة بين 13 و16 تموز/ يوليو الجاري، تشمل إسرائيل والضفة الغربية قبل أن يقلع مباشرة من تل أبيب إلى السعودية.
بدوره، قال مدير مركز المسار للدراسات السياسية، نهاد أبو غوش إن “من الواضح تماماً حسب التقارير الأمريكية والإسرائيلية أن الأولوية في زيارة بايدن للشرق الأوسط هو ترتيب أمور حلفاء أمريكيا بالمنطقة بما يلبي مصالح أمريكيا وتحديدًا في موضوع الضغط على السعودية لزيادة انتاج النفط وضبط الأسعار”.
وأضاف أبو غوش أن “هذا يأتي وسط أزمة اقتصادية جدية داخل الولايات المتحدة تسمى الركود التضخمي وهي ظاهرة غريبة ومزعجة ًاجد على أعتاب انتخابات التجديد النصفي للكونغريس ولذلك هو يريد أن يلملم سقوط حلفاء أمريكيا وراء الموقف الأمريكي ضد روسيا من جهة وضد الصين من جهة أخرى”.
وأكمل: “في قلب هذه الزيارة يهدف الرئيس الأمريكي إلى تأكيد مكانة إسرائيل الإقليمية وتعزيز أمنها من خلال طرح فكرة الحلف الدفاعي الجديد في المنطقة بمشاركة إسرائيل وتسع دول عربية، لافتًا إلى أن المسألة ليست سهلة لأن دونها عقبات جديّة، هناك دول كالعراق أقرت تشريعات تجرّم التطبيع وتعتبره خيانة وهناك دول مواقفها المعروفة والمعلنة ضد التطبيع بشكل كامل، وهناك دول أخرى تجد لديها حساسيات معقدة بموضوع التطبيع والتنسيق الأمني مع إسرائيل”.
وتابع أبو غوش “وعلى المستوى الفلسطيني من الواضح أن إدارة بايدن لا تملك إلا المزيد من الوعود والكلام المعسول، وأقصى ما يمكن أن تقدمه هو التأكيد اللفظي فقط على حل الدولتين دون أي استعداد لممارسة ضغوط على إسرائيل أو إلزامها بوقف الاستيطان أو العودة إلى طاولة المفاوضات وفق مرجعيات عملية السلام”.
وأشار إلى أن “أقصى ما يمكن أن تقدمه الإدارة الأمريكية لفلسطين هو استئناف المساعدات المالية للأونروا وبعض المساعدات لمستشفيات القدس بشكل خاص”. مؤكدًا على أنه “لا توجد أي توقعات جدية بشأن استئناف مسيرة التسوية أو تغيير جذري بالموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية”.
وختم الحديث أن “هذه الانتخابات ستكون البضاعة الرائجة فيها هي المزاودة اليمين بعضه على بعض، سواء في إظهار التشدد تجاه الفلسطينيين أو القمع أو حتى حصار غزة، أو محاولة اجتذاب أصوات المستوطنين بتشجيع الاستيطان، خاصة أن الحديث عن بؤر استيطانية مرتبط بقانون التسويات الصهيوني الذي يضفي شرعية على كل أنواع الاستيطان حتى لو كانت على أراضي فلسطينية مسروقة، لا يعود هناك أي تمييز بين المستوطنات اليت أقرتها الحكومة وبين المستوطنات التي بادر إلى تنفيذها وٌقامتها مستوطنون أفراد”.
من جانبه، يرى المحلل السياسي، الدكتور عماد أبو رحمة، أن “المصالح الأمريكية هي الدافع الأساسي لهذه الزيارة، ثم مصالح إسرائيل وتثبيت وجودها في المنطقة كجسم يبدو طبيعي ودفع عملية التطبيع مع الدول العربية وبالذات مع السعودية، فالاختراق المطلوب الآن هو السعودية بعد الاختراقات التي تمت مع عدة دول عربية خلال السنوات الماضية”.
وقال إن “الإدارة الأمريكية تشعر أن حلفائها الأساسيين في المنطقة مواقفهم ليست داعمة بالكامل لموقف الإدارة الأمريكية في العديد من القضايا، أبرزها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لديها قلق من مسألتين أولاً التمدد الصيني وبالذات في منطقة الخليج، والعلاقات التي تتوفق سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية بين السعودية والصين. لافتًا إلى أن أمريكا تهدف إلى احتواء مزدوج لهذا التمدد الصيني الذي تنظر له كخطر باعتبار أن الصين هي الخطر الأول المهدد للأمن القومي الأمريكي بحسب استراتيجية الأمن القومي الأمريكية”.
وتابع أبو رحمة أن “أمريكا تريد من حلفائها في المنطقة أن يتخذوا موقف واضح ضد روسيا تحديدا بما يتعلق بالحرب الأوكرانية، وأيضًا أزمة النفط والغاز العالمية، تريد موقف مختلف من دول الخليج وبالذات السعودية، تتعلق برفع الإنتاج النفطي بما يخفف من أزمة الطاقة الحاصلة بعد الحرب الروسية الأوكرانية”.
وحول إمكانية إعلان السعودية تطبيعها من الخفاء إلى العلن عقب زيارة بايدن قال إن “العلاقات بين إسرائيل والسعودية قائمة هناك لقاءات سرية متعددة تجري بين الجانبين، لكن أرى أن هذا ليس الوقت المناسب للسعودية لتطبيع علاقتها مع إسرائيل. موضحًا أن هناك ثمن مقابل تريده السعودية، بالذات أنها تشعر نفسها محاصرة بالذات ولي العهد والموقف الذي اتُّخذ منه ومقاطعته من قِبل إدارة بايدن على خلفية مقتل الصحفي خاشقجي واتهام ولي لعهد مباشرة بهذا الأمر”
وأضاف “في ظل هذ التوتر بالعلاقات لا أعتقد أن السعودية ستمنح هذه الورقة بهذا التوقيت لإدارة بايدن، لكن من حيث المبدأ هناك انفتاح بالعلاقات ما بين إسرائيل والسعودية دون أن يرتقي إلى علاقات رسمية، قد يضغط بايدن من أجل خطوات باتجاه عملية التطبيع ولكن لن تصل إلى عملية تطبيع كاملة”.
وأردف أبو رحمة : “الموضوع الفلسطيني ليس على الأجندة، وهناك توقعات وآمال لدى القيادة الفلسطينية بأن هذه الزيارة قد تفتح آفاق لعملية التسوية، وهذه أوهام لا أكثر ولا أقل لأنه القضية الفلسطينية كقضية سياسية ليست على جدول أعمال بايدن، لازال المنظور الأمريكي يتعاطى مع القضية الفلسطينية من منزر السلام الاقتصادية وتقليص الصراع لا أكثر ولا أقل.”.
وأوضح أن “جدول الزيارة يشير إلى أن فلسطين ليست حاضرة كما يجب، وإن هذه الزيارة بروتوكولية لا أكثر ولا أقل، تريد تهدئة الرئيس عباس، في حين إذا تم مقارنتها بجدول الزيارات لإسرائيل ثم للسعودية سنجد أن هذه الزيارة لا تنطوي على أهمية كبيرة.
وأكد أبو رحمة أننا “لا نتوقع أن تكون هناك مخرجات ذات قيمة لصالح القضية الفلسطيني، من أهداف بايدن الواضحة دفع عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية وهذه طريقة للالتفاف على القضية الفلسطينية وتقويض الحقوق الوطنية والمشروعة للشعب الفلسطيني”.(دنيا الوطن)