تركيا مسؤولة عن قتل الأبرياء في العراق و سوريا

د. أيمن سلامة –

 

الأول نيوز – يكشف القصف التركي غير الأخير لمنتجع “دهوك ” السياحي في شمال العراق عن العديد من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي العام والدولي الإنساني أيضا، وفي الصدارة من هذه الانتهاكات الجسيمة الحظر المفروض على اللجوء للقوة المسلحة لتسوية النزاعات بين الدول أو بأي وسيلة تتعارض مع ميثاق منظمة الأمم المتحدة .

جليٌ أن العدوان التركي علي دولة العراق ذات السيادة المستقلة وتهديد سلامتها الإقليمية لا يمكن تبريره بحق تركيا في الدفاع عن النفس، وتقع المسؤولية الدولية التعويض علي تركيا جراء القصف التركي الذي أفضي لقتل ما ناهز تسعة و إصابة 23 من المدنيين الأبرياء العزل الذين لا ناقة لهم ولا جمل في خضم سياق ما تدعيه تركيا بمحاربة الإرهاب في شمال العراق أو سوريا .

جليٌ أيضا أن قتل كل شخص على أيدي القوات والوكلاء الأتراك في العراق أو سوريا يعد انتهاكا لأول الحقوق الأساسية للإنسان و هو الحق في الحياة ، وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني أيضا ، و القانون الأخير يكفل ليس فقط حقوق المدنيين غير المحاربين بل المحاربين أيضا في حالات معينة .

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966على أنه “لا يجوز حرمان أي شخص من حياته بشكل تعسفي”، ووفقًا للتعليق العام رقم 36 للجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن الحق في الحياة : ” الحرمان من الحياة ، كقاعدة عامة ، تعسفي إذا كان يتعارض مع القانون الدولي”. ويترتب على ذلك أن “الدول الأطراف [في العهد] تعد مسؤولة دوليا حين تنخرط في أعمال عدوانية على النحو المحدد في القانون الدولي ، حين يؤدي ذلك إلى الحرمان من الحياة ، وانتهاك بحكم الواقع المادة 6 من العهد”.

تنص الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أنه “لا يجوز حرمان أي شخص من حياته عمدًا” إلا في حالات عقوبة الإعدام أو عند الضرورة القصوى للدفاع عن شخص من العنف غير القانوني ؛ للقيام باعتقال قانوني أو منع هروب أي شخص محتجز بشكل قانوني ؛ أو لقمع الشغب أو التمرد، ويترتب على ذلك أن الدول الأطراف في الاتفاقية حين تخرط في أعمال عدوانية على النحو المحدد في القانون الدولي ، مما يؤدي إلى حرمان متعمد من الحياة ، ينتهك بحكم الواقع المادة 2 من الاتفاقية.

في ذات السياق تنص المادة 15 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على ما يلي: ” في وقت الحرب أو أي حالة طوارئ عامة أخرى تهدد حياة الأمة، يجوز لأي طرف سامٍ متعاقد اتخاذ تدابير لا تتقيد بالتزاماته بموجب هذه الاتفاقية إلى الحد الذي تقتضيه مقتضيات الموقف ، بشرط ألا تتعارض هذه التدابير مع غيرها من الالتزامات بموجب القانون الدولي “.

نظرًا لأن مبادئ الميثاق “كانت جزءًا من القانون الدولي” ، فإن التدابير التي تنتقص من الالتزام بعدم القتل العمد يمكن اتخاذها في وقت الحرب .

وبغض النظر عن ذلك ، تجدر الإشارة إلى أنه حتى في حالة الدفاع عن النفس ، لا يجوز للدولة الطرف في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان أن تتخذ تدابير لا تتقيد بالتزاماتها بموجب الاتفاقية إلا “بالقدر الذي تقتضيه بدقة مقتضيات الوضع”، وبناءً على ذلك ، تحظر المادة 2 الأعمال الحربية المميتة التي تنتهك كل من قانون اللجوء للقوة المسلحة و القانون الدولي الإنساني ( قانون الحرب ) .

أخيرًا ، تُلزم الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الدول الأطراف بأن “تؤمن لكل فرد يخضع لولايتها الحقوق والحريات المحددة في … هذه الاتفاقية”، و تنطبق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في أي مكان تمارس فيه الدولة سيطرتها على من تقتلهم أو على المنطقة التي تقتلهم فيها ، و العبارة الأخيرة توضح بما لا يدع مجالا للشك أن المسؤولية الدولية لتركيا بموجب قواعد المسؤولية الدولية تنطبق في المناطق التي تسيطر عليها تركيا خارج الإقليم التركي ، لذلك يجب أن تنطبق المادة 2 نفسها على سير الأعمال العدائية خارج الحدود الإقليمية، وهذا يفسر مسؤولية تركيا عن مقتل كل شخص على يد القوات والوكلاء الأتراك .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ما “حدا” اعتذر

الاول نيوز – د. ذوقان عبيدات أسوأ ما يمكن وصفه في هذه الأيام هو ما …