د. أيمن سلامة –
الأول نيوز – نقلت وسائل الأنباء عن مصدر أمني مصري، إنّ جهود الوساطة التي تبذلها القاهرة مستمرّة منذ أمس الجمعة، وأضاف “نأمل في التوصّل إلى توافق، من أجل عودة الهدوء في أقرب وقت بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي في غزة، وكان المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي ريتشارد هيشت قد أشار في وقتٍ سابق إلى الوساطة المصريّة عندما كان يتحدّث إلى صحافيّين عن التطوّرات الجارية، لكنّه لم يخض في التفاصيل.
خُبِرت مصر بعديد جهود الوساطات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في العقد الأخير، من أجل إنهاء الاقتتال بين الطرفين سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو مدينة القدس، وتُعد الجهود المصرية الحثيثة الجارية من أجل إقناع الطرفين بوقف إطلاق النار، وتهيئة أفضل الظروف الميدانية والسياسية للتوصل لتهدئة طويل الأمد، مثالاً صارخاً في ذلك السياق، وكانت أبرز الاختراقات المصرية في سياق جهود وقف الاقتتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 2012، حين نجحت الجهود المصرية الحثيثة في التوصل إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة، وكان الاتفاق نص على أن توقف إسرائيل كافة الأعمال العدائية على قطاع غزة براً وبحراً وجواً بما في ذلك الاجتياحات واستهداف الأشخاص، وفي المقابل تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل العمليات العدائية من غزة تجاه إسرائيل، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات.
ميدانياً يُعد ضرباً من الأوهام التوصل لهدنة طويلة الأمد بين المحتل الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، دون كسر الحصار الإسرائيلي الجائر على قطاع غزة، وهنا فأي حديث عن الهدنة لا يعدو إلا تجاهل للواقع والماضي والمستقبل الذي يحكم العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية التي لم تفلح اتفاقيتي أوسلو في ضبطها أو حتى ترشيدها، فقد سبق أن اتفقت حماس وإسرائيل على هدنة بوساطة ورعاية الاستخبارات المصرية في فبراير عام 2020، ولكن لم يتم تنفيذها وفق الجدول الزمني المتفق عليه.
أما اتفاقات منع التصعيد للعمليات العدائية العسكرية بين المتحاربين، فيمكن اعتبارها الاتفاقات الأسرع التي يتم التوصل لها برعاية وسيط دولي كما في الحالة المصرية، وتتضمن هذه الطائفة من الاتفاقات التي شاع اللجوء إليها في مناطق النزاع المسلح، جملة من الإجراءات الأولية التي يمكن أن تفضي في معظم الأحوال إلى اتفاق وقف إطلاق النار أو اتفاق الهدنة بين المتحاربين، وتطبيقاً على الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، يمكن اعتبار الوقف المتبادل لإطلاق الصواريخ بين الطرفين فضلاً عن تبادل الأسرى والمعتقلين والمخطوفين، أهم الإجراءات التي تهدف لخفض التصعيد ” التهدئة ” بين الطرفين.
تٌعرّف اتفاقيات وقف إطلاق النار بأنها “الاتفاقات، التي ييسرها طرف ثالث، والتي تُحدد القواعد والطرائق لأطراف النزاع لوقف القتال “. ومع ذلك، للوصول إلى وقف إطلاق النار فإن أطراف النزاع والوسطاء والأطراف الثالثة يمكن أن يمروا في كثير من الأحيان باتفاقية “وقف الأعمال العدائية” الأولية، ولكن الأخيرة عادة ما تكون أقل رسمية وتفصيلاً، كما يتضح من حالة الاتفاقية التي طبقت في سوريا في ربيع عام 2016.
هناك العديد من الضمانات التي يلزم توافرها من أجل استمرار وفاعلية اتفاق وقف إطلاق النار بين المتحاربين، وتشمل هذه الضمانات المجالات الأساسية الخمسة الآتية:
أولاً: تعريف وقف إطلاق النار نفسه (المنطقة التي ينطبق عليها في حالة وقف إطلاق النار لمحلي، ومتى وكيف يبدأ نفاذه) وما الذي يشكل انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار.
ثانياً: تدابير خفض التصعيد لتقليل الاحتكاك بين المقاتلين في الميدان، كما يمكن أن يتضمن وقف إطلاق النار “خطوط سيطرة”، مناطق منزوعة السلاح ومناطق عازلة.
ثالثاً: الترتيبات التفصيلية لرصد تنفيذ وقف إطلاق النار، والتي ستتضمن أحكاماً للإبلاغ عن الحوادث والتحقق منها وتسوية النزاعات، وغالباً ما يقوم بذلك جنود حفظ سلام مسلحون أو مراقبون غير مسلحون، وقد تتكون فرق المراقبة من مراقبين وطنيين، أو مراقبين دوليين حصرياً أو مزيجاً من الأعضاء الدوليين والوطنيين.
يُشار إلى أن إسرائيل تكاد تكون الدولة الحصرية التي ما فتئت ترفض اشتراك أي بعثات أممية ترسلها المنظمة ومن أي نوع لمراقبة اتفاقات حفظ السلام أو اتفاقات وقف إطلاق النار أو الهدنة، والتي تكون إسرائيل طرفا فيها، منذ حرب السويس عام 1956، حين رفضت إسرائيل تواجد قوة الطوارئ الأولى للأمم المتحدة في صحراء النقب.
رابعاً: تشكل الخرائط والأطُر الزمنية التفصيلية للتنفيذ بشكل متزايد جزءاً من اتفاقيات وقف إطلاق النار، لاستباق مجموعة من القضايا التي يمكن أن تنشأ في مرحلة التنفيذ، وتعد ملاحق اتفاق وقف إطلاق النار في جبال النوبة، مثلاً يحتذى في هذا السياق.
خامساً: الأحكام المحددة السياق والتي تتعلق بالإفراج عن أسرى الحرب والمعتقلين، وإزالة الألغام، والوصول إلى المساعدة الإنسانية في مناطق النزاع وتسليم جثامين القتلى.