الدكتور سهيل الصويص –
الأول نيوز – الاَن وقد هدأت ولو مؤقتاً الزوبعة المفاجئة والمستغربة والمتسرعة وغير المبررة لا بتوقيتها ولا بمحتواها ولا بحقيقة وخفايا دوافعها والتي أثارتها مؤسسة الغذاء والدواء بمنعها الأردنيين العائدين من السفر من إحضار علاجاتهم فهل بإمكان المراقب محاولة استيعاب ما جرى؟
لم يحدث مطلقاً في تاريخ المملكة سابقة يقوم خلالها رئيس الوزراء ( الذي يتعين مدير المؤسسة بقرار منه ) وبشكل سريع وحازم وقاطع بل وبعبارة قاسية بوقف قرار المؤسسة ؟
كم كان الأجدر بالمؤسسة التزام الصمت أو التصرف باعتدال بعد قرار الرئيس ولا تواصل مسيرة التلعثم في تبريرات لا تدل سوى على ركاكة القرار الناتج على ما يظهر عن عدم دراسة وافية فإن كانوا يقصدون بالفعل كمية لمدة ثلاثة أشهر فلماذا لم يذكروا ذلك منذ البداية ولو كان ذلك محاولة ايجاد مخرج فكيف لنا تعليل تعنت المؤسسة على حصول المسافر على موافقة مسبقة منها على وصفة طبية لكي يسمح له عند عودته بإحضار ثلاث علب أدوية سكري ومن ثم هل الأردني بحاجة للذهاب لتركيا لابتياع أدويته والدعايات العلنية اليومية في وسائل التواصل في الأردن توفر له كل احتياجاته من هناك واصلة لباب بيته وبنصف السعر ؟ وهل يعقل من قبل مؤسسة تمثل دولة ومن أجل الدفاع عن نفسها أن تطعن بمصداقية شركات التصنيع التركية رفيعة المستوى والشركات العالمية التي تصنع أدويتها هناك وتتهمها بصناعة ادوية مزورة وهذا كلام خطير ضد دولة مؤسسات كبرى وهل قمتم بدراسة أدويتهم واستنتج خبرائكم زيفها وهم الذين أفتوا بعد بضعة ساعات فقط من الدراسة العميقة بسلامة مطاعيم الكورونا ؟
لو كنّا مكانة مسؤولي المؤسسة لتوقفنا عن محاولة تخديرنا بان فارق سعر الدواء التركي مقابل الأردني يعود لفرق العملة فقط وهنا تحتم المصداقية التوضيح بأنه إن كانت أسعار الأدوية الأردنية ثلاثة أضعاف أسعار بعض دول الجوار حسب تصريح حديث لمديرة مخضرمة سابقة في المؤسسة فلا يجب علينا اتهام شركات تصنيع الأدوية الأردنية ذات المستوى العالمي بذلك والتي لا تروج نفسها كجمعيات خيرية وهي التي توظف وتعيل اَلاف العائلات الأردنية لكن أهل عليها رفض كرم المؤسسة الحاتمي ولجنة التسعير في المؤسسة تضم ثمانية أعضاء مقعد واحد فقط بينها لشركات التصنيع الدوائية ؟
لم تكن المؤسسة موفقة على الإطلاق وعلى الهواء مباشرة ولا يمكن وصف ذلك سوى بالتعجل والاستخفاف عندما يستغربون إحضار الأردنيين لأدوية السرطان من الخارج وهم جميعهم مؤمنين في بلدهم ضد المرض أو الصراخ بصوت عال بأن أطباء يتاجرون في عياداتهم بأدوية مزورة وهذه طعنة لأدائها وإخلالها بمسؤولياتها فماذا فعلوا ولو بعيادة واحدة بينما تتفاخر الجهات الرقابية الصحية بإغلاق محل فلافل أو مخالفة دكانة عطارة ؟ وكذلك فعندما يبرر المدير الكريم قراره على كونه ليس سوى تفعيل لقانونين سابقين تعود لسنوات طويلة سابقة فلماذا لم تقوموا بتطبيقها وعقاب من يخالفها دون الحاجة لهذه المسرحية ركيكة السيناريو والإخراج وهل تتابعوا الفيسبوك وتطالعوا الدعايات على سبيل المثال منذ صدور قراركم فقط عن منشط جنسي تبيعه عدة مصادر بالإسم ورقم الهاتف والسعر المطلوب يثير الشكوك حول محتواه وفعاليته ؟
والاَن لنصل لصلب الموضوع ونتساءل هل القرار صدر بمبادرة شخصية بحتة من مدير المؤسسة نفسه وورط المؤسسة بإثارة غضب الرئيس والشارع ؟ بل وهنا يكمن بيت القصيد فمدير المؤسسة منذ تأسيسها عام 2002 ليس سوى نائب لرئيس مجلس الإدارة الذي ليس سوى وزير الصحة نفسه بل والرجل الثاني بعده في المؤسسة ليس سوى أمين عام وزارة الصحة فهل استشار رئيسه ونائبه ليكون عندها القرار قد حظي بمباركة رسمية وهنا يتوجب على المدير التوضيح فغضب الرئيس قد يكلفه غالياً في المستقبل القريب ؟
دور مؤسسة الغذاء والدواء واضح وحيوي من حيث فرض الرقابة وتوفير الأمان للمستهلك واتضاح عدم نضوج القرار الأخير يجب ان يمثل نقطة تحول في تعاطي الدولة مع هذه المؤسسة التي يترأسها في الدول الحريصة على مصلحتها ومصلحة مرضاها خبراء في الأبحاث والدراسات ومن ذوي الالمام الأكاديمي وما يجري في الأردن على النقيض من ذلك فرغم أن اَخر أربع مديرين للمؤسسة على سبيل المثال لهم سمعة حسنة في مجال اختصاصهم وماضيهم المهني مشرف ولديهم احترام واسع لدى زملائهم إلاَ أننا نجد أنهم كانوا على التوالي طبيب جهاز هضمي وطبيب نسائية وطبيب عيون وصيدلاني مدير مشتريات لكن منصبهم الجديد بعيد كلياً عن خلفيتهم المهنية وخبرتهم فهل يعقل مواصلة تحويل المنصب لجائزة ترضية ولإنزال بالبراشوت أم ان ما جرى يدفعنا لتكون التجربة الأخيرة نقطة تحول في اختيار الإدارة المقبلة ضمن أسس المنافسة وحسب الخبرات لتبقى المؤسسة حامية حقيقية لحقوق ومصالح المرضى والأصحاء والوطن ؟