أيمن سلامة –
الأول نيوز – جلي أن تذكر الهولوكوست في ألمانيا ، وتحمل ألمانيا النازية مسؤولية قتل ستة ملايين يهودي ، هي شؤون ألمانية مَحضة لم يقحم الفلسطينيون أو العرب أنوفهم فيها ،ولم يقم الفلسطينيون بحرق اليهود ، واذا كان تكريم ذكرى الضحايا هو أيضاً مسؤولية الحكومة الاتحادية الألمانية ، لكن كل ما سبق لا يجيز للحكومة الألمانية أو غيرها من حكومات الدول أن تُنكر أو تَتنكر من جرائم إسرائيل المحتلة بحق الفلسطينيين منذ نَيف وخمسون عاماً ، والتي صارت ديدنا حكوميا يعكس سياسة إسرائيل .
غَرّد أمس المستشار الألماني : “أنا غاضب للغاية من التصريحات التي لا يمكن وصفها بكلمات من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس. بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي تهوين من شأن المحرقة أمر لا يطاق وغير مقبول، و أنا أدين كل محاولة لإنكار جرائم المحرقة”.
في خضم الدفاع الغربي عن اسرائيل و حق الاسرائيليين في البقاء ، يغفلون عن أن المسؤولية الدولية مبدأً أساسيًا من مبادئ القانون الدولي؛ بحسبانها تنبع من طبيعة النظام الدولي ومبادئ سيادة الدول والمساواة بينها، وبالتالي فإن قيام “إسرائيل” بطرد الشعب الفلسطيني من أرضه ورفض إعادته، يرتب عليها تحمل المسؤولية الدولية ويفرض عليها إصلاح الضرر الذي سببته ، واذا كانت جريمة العدوان ثم الاحتلال ثم ضم الأراضي المحتلة التي ارتكبتها اسرائيل ، تماهي معها المجتمع الدولي ، لكن ما حجة المجتمع الدولي في التغاطي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ما فتئت ترتكبها اسرائيل بين الفينة و الفينة.
إن الخطاب الاستراتيجي للديمقراطيات الكبري يعكس أساطير وانفصامم في الشخصية ، إنها ميثيلوجيا متماسكة ترتكز علي قواعد أيديولوجية وتركيبة تجميعية ، ونسبوية ثقافية تكشف عن المعيار المذدوج،و الهدف دائما التعبير عن القوة من خلال تحليلات تتمحور حول احساس بالتهديد أو بالخطر ، وبتصورات دولية تفتقر إلي المساواة ويشوبها الغموض ، ولكنها تضع حدودا وقيودا علي الآخرين .
حتي منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية الليبرالية لم تسلم من اذدواجية المعاير والتدليس في تناولها للجرائم الدولية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق الفلسطينيين المدنيين ، وذلك حين تستخدم القانون الدولي في تحليل الصراع ، و تحسم أمرها بالنكير علي منظمات مثل ” حماس ” وتتهمها بارتكاب جرائم حرب لاستخدام تلك المنظمات ” أسلحة عشوائية “، في حين تبرئ اسرائيل لاستخدامها “أسلحة دقيقة ” من الجو .
ولا يهم تلك المنظمات الليبرالية في كثير ولا قليل حقيقة قتل اسرائيل عددا من المدنيين أكثر ممن قتلتهم حماس ، وهنا، تُنتج تلك المنظمات من غير قصد تراتيبة تفصل بين المدنيين . فالناس الذين لم تستهدفهم عمداً الدولة التي تستخدم أسلحة دقيقة ، يُعدون أضرار جانبية وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية الليبرالية ، في حين يعد أولئك الذين قتلتهم ” الأسلحة العشوائية ” ضحايا جرائم حرب .