د. شهاب المكاحله –
الأول نيوز – مع دخولنا فصلي الخريف والشتاء، سنشهد زيادة في الطلب على النفط والغاز مع ضعف الإمدادات العالمية تماشيا مع اتفاق دول (أوبك+)، ما يعني أن مرحلة الشتاء القادم ستكون قاسية وخاصة على الدول الأوروبية التي تعاني اليوم من نقص حاد في مخزوناتها من الوقود جراء العقوبات المفروضة على روسيا منذ ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ والصراع على رقعة الشطرنج في شرق أوروبا.
فمن المتوقع أن يؤدي تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمخاوف من الركود في البلدان المستوردة الرئيسة للنفط إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث يتمتع منتجو النفط الرئيسيون هذا العام بمكاسب غير متوقعة من عائدات النفط وأعلى نمو منذ العام ٢٠١٥.
ذكر تقرير للأمم المتحدة بأنه من المتوقع أن يؤدي الصراع في شرق أوروبا إلى قلب التعافي الاقتصادي الهش من جائحة كورونا-١٩، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، وتفاقم الضغوط التضخمية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة للحد من التضخم الذي من المتوقع ان يصل إلى ٦.٧٪هذا في العام ٢٠٢٣، أي ضعف المتوسط خلال الفترة من ٢٠١٠ إلى ٢٠٢٠ البالغ ٢.٩٪، مع ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والطاقة.
كما أن ارتفاع أسعار الطاقة سيؤدي إلى صدمة للاتحاد الأوروبي، الذي استورد ما يقرب من ٥٧.٥٪ من إجمالي استهلاك الطاقة في عام ٢٠٢٠. ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإنه من المتوقع أن يشهد الاتحاد الأوروبي نموا اقتصاديا بنسبة ٢.٧٪ فقط، بدلاً من ٣.٩٪. ويمكن لأسعار النفط المتقلبة أن ترسل موجات صدمة في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي. كما تؤدي التغيرات في إنتاج واستهلاك النفط إلى دفع الأسعار إلى حاجز الـ ٣٠٠ دولار في شهور الشتاء إذا ما خفضت الدول المصدرة للنفط انتاجها.
تؤثر العديد من المتغيرات على أسعار النفط، بما في ذلك النظرية الاقتصادية الأساسية للعرض والطلب إذ ينص قانون العرض والطلب على أنه في حالة زيادة العرض، ستنخفض الأسعار. على العكس من ذلك، إذا ارتفع الطلب، يجب أن ترتفع الأسعار أيضا. ونتيجة لذلك يبقى السؤال: ما الذي يؤثر على العرض والطلب على النفط؟
لقد أدت التوترات الجيوسياسية التي بدأت في أواخر عام ٢٠٢١، وتصاعدت في أوائل عام ٢٠٢٢، إلى زيادة أسعار نفط غرب تكساس بنسبة ٣٥٪. وحين بدأت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا، ارتفعت أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط من ٧٤ دولارا في ١٥ ديسمبر ٢٠٢١ إلى ١٠٠ دولار، بينما قفز خام برنت إلى أكثر من ١٠٥ دولارات خلال التعاملات اليومية في أوائل عام ٢٠٢٢.
العقوبات الاقتصادية على الدول المصدرة والمنتجة للنفط تشي بالمزيد من التوترات الجيوسياسية التي تؤدي أيضا إلى تقلبات في أسواق الطاقة. ففي مايو الماضي وافق الاتحاد الأوروبي على وقف استيراد نحو ٩٠٪ من النفط الروسي بحلول نهاية العام ٢٠٢٢ ومع قلة ضخ الغاز الروسي الى دول الاتحاد الأوروبي، فإن شتاء أوروبا سيكون جليديا وأسعار الطاقة سترتفع الى حدود لا يمكن للدول المستوردة للنفط والغاز التعامل معها دون دعم دولي لمشترياتها.