أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – ساعات ونمتطي طائرة الخطوط الجوية الكويتية لنحط في “الديرة” لحضور انتخابات مجلس الأمة الكويتي التي تُفتتح صناديق الاقتراع فيها الخميس 29 سبتمبر / أيلول المقبل، ضمن وفد صحافي أردني كبير تم ترتيب زيارته من قبل وزارة الإعلام الكويتية وسفير الكويت النشط الصحافي / الدبلوماسي عزيز الديحاني.
منعتني سنوات الكورونا اللعينة من زيارة الكويت التي أمضيت فيها نحو ثلاث سنوات من نهاية عام 2007، حتى منتصف عام 2010، وأزورها عدة مرات في العام، ولي فيها من الأصدقاء الحميمين، والأقرب الى القلب والروح، أتواصل معهم باستمرار، برغم أن الموت غيب أعز الأصدقاء الصحافي والشاعر الجميل سعد المعطش ابو صالح رحمه الله.
وزارة الإعلام الكويتية أنهت الاستعدادات بوضع “خطة شاملة لتغطية سباق انتخابات مجلس الأمة متضمنة ثلاث مراحل بما يضع المواطن في قلب الحدث لحظة بلحظة منذ فتح باب الاقتراع وحتى إعلان النتائج النهائية رسميا”. كما صرح وكيل وزارة الإعلام الكويتي محمد بن ناجي مؤكدا “حرص الوزارة على إظهار عملية الاقتراع المرتقبة بأفضل صورة تليق بتأريخ البلاد السياسي ومكانتها الدًُولية، إذ أنهت مبكرا استعداداتها عبر مختلف منصاتها”.
إنتخابات مجلس الأمة في هذه الدورة مختلفة كثيرا، حيث رجع إلى سباق التنافس شخصيات كويتية برلمانية كبيرة غابت سنوات من وزن أحمد السعدون، كما دخلت عناوين جديدة وبرامج غريبة عن الانتخابات والمجتمع الكويتي المتحضر مثل وثيقة القيم التي وقع عليها بعض المرشحين وتشمل 12 بندا من أبرزها “العمل على تطبيق قانون منع الاختلاط، رفض المهرجانات الهابطة، رفض المسابح والنوادي المختلطة، تفعيل قانون اللباس المحتشم، العمل على وقف الابتذال الأخلاقي” كما تدعو المرشح الذي يصل إلى مجلس الأمة إلى “تعديل قانون التشبه بالجنس الآخر، تطبيق قانون تجريم الوشوم الظاهرة على الجسد”.
محبو الكويت والقلقون على تجربتها يعرفون الحكمة المتزنة والدبلوماسية الهادئة التي تتمتع بها القيادة الكويتية، والسياسة الدبلوماسية الهادئة في تضميد الجراح الخليجية والعربية والعالمية.
فلولا المبادرة الكويتية والسياسة الناعمة لانفجرت الأزمة الخليجية، وتوسع الشقاق إلى ما لا تحمد عقباه.
ولولا الدبلوماسية الكويتية الهادئة المتزنة لانفرط عقد العرب في اجتماعهم الأخير في الكويت في القمة العربية “قمة التضامن” قبل سنوات في إثر الخلاف حول سورية ومَن يمثلها في القمة، بعد أن انقسم العرب عربين، كل يريد النار إلى قُرصه.
والكويت صمام أمان في الموضوع الفلسطيني ورفض التطبيع، ففلسطين لا تغيب عن الدور الإنساني والسياسي في العمل الدبلوماسي الكويتي، والدور الذي لعبته الكويت في مسار القضية الفلسطينية لا يختلف عليه اثنان، فعلى أرض الكويت أُسّست منظمة التحرير الفلسطينية، فكانت الكويت حاضنة للعمل الفلسطيني السياسي والشعبي.
يكفي الكويت أنها الدولة الخليجية الوحيدة التي تتمتع ببرلمان منتخب، ودستور متقدم، وإعلام مستقل، وسلطات برلمانية تسمح باستجواب أي مسؤول.
لا أخفي إعجابي الدائم ببساطة وحزم ادارة الحكم في الكويت، فقبل سنوات وأثناء استقبال المرحوم الشيخ صباح الأحمد شخصيات سياسية أردنية من وزن طاهر المصري (أطال الله عمره) والمرحوم فايز الطراونة بادرهم بالسؤال: يا جماعة الخير.. ما الذي يحصل في عالمنا العربي؟. طبعا المسؤول ليس بأعلم من السائل صاحب الخبرة الطويلة في العمل السياسي والدبلوماسي والدُّولي، لكنه سؤال الغصة الذي يجرح الحلق والصدر.
الدايم الله…..