أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – كأن مجلس الوزراء لا يجتمع ولا يقرر ولا ينظر في سياسات، بل يجتمع فقط لإحالة فلان على التقاعد، وإنهاء عقد علان.
قبل أقل من شهر أوضحت نتائج تقرير أجراه مركز الحياة “راصد” بما يخص التزامات حكومة الدكتور بشر الخصاونة، بأن قرارات التعيين في المناصب القيادية الصادرة عن مجلس الوزراء بلغت 69 قرارًا خلال عامين، تم تعيين 90 شخصًا بموجب هذه القرارات.
حتى تتوقف حركة التدوير التي تتم في المناصب والمواقع في الأردن، وتتورم “السيفيّات CV” لا بد أن يتم تغيير النهج كاملا في التشكيل والتعيين، فلا يمكن أن يفشل شخص في أن يكون وزيرا ناجحا ليتحول في لحظة إلى سفير ودبلوماسي ناجح، أو عين ومستشار، أو تخطتفه مؤسسة حكومية لتسيير شؤون عملها.
ما يجري منذ سنوات لا يمكن أن يبقى قَدَرًا وواقعا ملموسا في المئوية الثانية، ولا علاج لهذه الأوضاع المستعصية إلّا بتحقيق إصلاح حقيقي، من خلال حياة حزبية حقيقية، (ليس طبعا على طريقة الميثاق وإرادة) لأن صناعة النخب وتطويرها لا يمكن أن تبقى في مختبرات العلاقات العامة، ورضا جهات داعمة، بل في مختبر الأحزاب التي تحاسب أعضاءها إن نجحوا أو فشلوا.
في لحظات ؛ تتهشم النفوس يأسا وإحباطا مما يُجرى، ومما يراه المرء ويسمعه من المسؤولين عندنا، لا تجد أفقا تهرب إليه، سوى أن تُحلّق في عالم آخر، وتنظر كيف يتم التقدم فيه.
منذ سنوات، كل شيء في بلادنا يتجه نحو المجهول، القِيَم والأخلاق والمنظومة كُلّها اعتراها البؤس، وأصاب الفسادُ أركانها، فخرجت الآراءُ علينا تلعن المجتمع، وتُمجّد الدولة، وكأن الخراب الذي يَدقّ أركاننا، لا تتحمل القوانين الرجعية والأنظمة والتعليمات المتخلفة سبَبَه المباشر.
سلسلة طويلة من الخَيْبات، لا تَجرَحُ النفس فقط، بل تجرح البيئة التي نعيش.
وعلى ذكر البيئة التي أصبحت حِمايتُها من قيَم المجتمعات المتقدمة خاصة بعد أن بلغت نسب التلوث مستويات لم تعد الأرض قادرة على التعامل معها لحفظ التوازن على كوكبنا.
أصبحت الدول والمجتمعات المتقدمة تضع حاويات خاصة لإعادة تدوير البلاستيك وأخرى للألومنيوم وأخرى للورق وهكذا.
ويبدو أنه ركوب للموجة بأن نرى التدوير في الأردن أصبح يشمل المسؤولين والنواب والمستشارين والوزراء، لكنه تدوير داخل العلبة ذاتها.
لم تتوقف المطالب الشعبية خلال سنوات الحراك المتواضع، عن المطالبة بتطهير مواقع عديدة، وتغيير أشخاصها، لأنهم أصبحوا حِمْلا ثقيلَ الوزن على الدولة والنظام، يأكلون من رصيديهما، بفعل ما يتكشَّف يوميا من فساد معشعش منذ سنوات في مؤسسات كثيرة.
مسؤولون ومستشارون، يحجبون المعلومات الحقيقية عن صانع القرار، ويمررون ما يرغبون من معلومات، ويزكون شخصيات تشبههم، ويبعدون مَن يخافون على البلاد أكثر مما يخافون على أنفسهم وأموالهم وأهليهم.
في لحظات التغيير، تُفتَح العُلبة ذاتها، ويتم التدوير بطريقة كأن العالم لم يتغير، وكل المطالب الشعبية تصبح هباء منثورا.
الدايم الله…..