أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – ما دامت الحكومة مهتمة بالإعلام، واستأجرت مبنى في الشميساني لوزارة الاتصال الحكومي، ويقول وزيرها صديقنا فيصل الشبول “إن ملاك الوزارة سيكونون بالعشرات، وسيتم بداية الاعتماد على ملاك الإعلام في رئاسة الوزراء مع رفدها بموظفين من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية بترا” ليسمحوا لنا بهذا السطر حول الإعلام عموما والصحافة الورقية خصوصا.
الإعلام، ركن أساس من أركان الدولة، كما أنه ركن أساس من متطلبات الدخول في العالم الحديث، وهو إحدى الروافع التي تمنح الدولة شهادات حسن سلوك من الدول الغربية والمنظمات العالمية المعنية بالحريات العامة والحريات الصحافية وحقوق الإنسان.
وبصراحة ومن دون مجاملة، ومن دون أن يغضب أحد، وبتواضع شديد، أقول إن حالة الإعلام في الأردن بئيسة، وأوضاع المؤسسات الإعلامية، خاصة الصحافة اليومية الورقية، كارثية، وقد لا تصمد كثيرا، في السنوات المقبلة، ليس فقط بسبب التطور التكنولوجي والثورة في مجال الاتصالات، والتقدم الهائل في الإعلام الحديث والإلكتروني، بل بسبب عوامل كثيرة، يعرفها الإعلاميون والصحافيون، كما يعرفها المستثمرون في الإعلام المستقل أكثر.
تكلفة إنتاج الإعلام الورقي أصبحت عالية جدا، يرافق ذلك تراجع في إيرادات الصحف بحجب الإعلان (الشريان الرئيسي في دعم الصحف) عن بعضها، وتراجع أعداده والاشتراكات والمبيعات.
سبب هذا التراجع واضح للعيان، فهناك أزمة اقتصادية طاحنة أثرت في المؤسسات الاقتصادية وقطاعات الاقتصاد جميعها، ما خفض إعلاناتها إلى ما دون النصف، لتغطية أبواب أخرى من النفقات.
طبعا؛ أُبَر المورفين الحكومي المطلوبة لدعم الصحف والقرار الاخير بزيادة سعر الإعلان، مشكورة عليه الحكومة، لكن هذا لن يعالج الأمراض المستعصية التي تعاني منها الصحف.
أكثر ما يضغط على المؤسسات الإعلامية في ظل زيادة مصاريفها، وتكاليف إنتاجها، نظرة الدولة لها، وعدم التفكير بأهمية غياب أصوات إعلامية عن الساحة المحلية، فالحكومات لم تقف يوما أمام مسؤولياتها تجاه الصحف، لا بل تمت مضاعفة الضرائب على ورق الصحف بنسب خيالية، إضافة إلى أن أسعار الورق قفزت بأرقام لا يمكن استيعابها عالميا، ما تسبب بخسائر فادحة للصحف.
تعرف الحكومة والدولة أن الصحف في عملها، تسهم في ترويج أعمال وقرارات وتوجهات الدولة وأجهزتها المختلفة، وقد يتجاوز هذا نسبة الـ 90 % من عملها، ألا تحتاج بعد كل هذا إلى دعم مالي حتى لا تزداد عثراتها، وحتى لا تصل إلى إنهاء خدمة موظفيها، وها هي اليوم تقوم بتقليص صفحاتها ، وأعدادها اليومية.
في أحد الايام، وبعد اطلاع رئيس وزراء سابق على أوضاع الصحافة الورقية في الأردن كان جوابه، هذه ليست مشكلتنا، وكل شخص يخلع شوكه بيده، هذه المقولة انسحبت إلى حد إعدام صحافة محترمة “العرب اليوم”، وتشريد العاملين فيها، وضياع صوت مهني دافع عن الأردن وشعبه، بعد أن قلت الروافع التي تدافع عن مصالح وحقوق الأردنيين
الدايم الله…