أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – العالم ضيف على قطر في مونديال الدوحة 2022، الذي يبدأ اليوم الأحد، صنعت قطر وقيادتها شبه معجزة كان كثيرون يشككون في تحقيقها.
غيّرت قطر نظرة العالم، خاصة الأوروبي، لعالمنا العربي والعالم الثالث، لا بل فرضت عليهم الاعتراف، أن مونديال قطر غير…
واضح أن العرب فخورون كلهم بما يتحقق على أرض قطر، والدولة الجديدة التي صنعتها الإرادة والتصميم، بحيث باتت قطر اليوم غير قطر قبل أربع سنوات….
نفتخر بقطر وقيادتها الشابة، ونذهب لنتحدث سياسة قليلا ونتذكر قبل 15 عاما كيف كانت الحال.
في يوم ما اضطر رئيس الوزراء القطري السابق المثير للجدل حمد بن جاسم إلى إعلان “التوبة” وبالعامية “باس التوبة” عندما أعلن “تبنا لا جايبين حماس ولا جايبين نجاد…” وكررها ثانية “توبة”.
ليست توبة فقط ولا نكتة فالقطريون يومها باتوا يشعرون بأن عليهم أن يَعُدّوا للعشرة بعد تجربتهم المثيرة للجدل للاختلاف والاتفاق، للإعجاب والنقد.
قطر الدولة – التي ينظر بعضهم إلى طموحات قيادتها موازنة بصغر مساحتها – وضعت نفسها في معدة الملفات العربية كلها.
في الملف الفلسطيني كانت السباقة لاحتواء قيادات حماس عندما طُردوا من الأردن، وسبقت السلطة الفلسطينية في التعامل مع الكيان الصهيوني وافتتحت ممثلية قطرية في تل أبيب ونظيرتها الصهيونية في الدوحة.
زيارات لا تنتهي مُعْلنَة وأخرى سرّية للقيادات الصهيونية إلى الدوحة للمشاركة في مهرجاناتها ومؤتمراتها ومثلها للقيادات القطرية إلى تل ابيب.
في الملف اللبناني كان اتفاق الدوحة طوق النجاة للفرقاء اللبنانيين بعد أن احتل حزب الله بيروت في ساعات، وتأزم الموقف اللبناني إلى احتمالية عودة الحرب الأهلية.
في القضية السودانية لم تترك قطر المتنازعين بل استضافت جلسات ومؤتمرات عديدة لمصالحاتهم وحاولت أن تنزع فتيل الأزمة التي وصلت في النهاية إلى تقسيم السودان.
في اليمن سابقا قبل الحرب، لم تترك الأزمة من دون مبادرات وحلول تتجاوز الحلول الخليجية.
قطر تفعل كل ذلك ببرغماتية عجيبة، تحتل موقعا متقدما في صفوف خط الممانعة العربية فتغازل سورية ولبنان ومنظمات المقاومة، وتستضيف نجاد وتروج لإيران في الوقت ذاته تحتل القواعد الأميركية مساحات كبيرة من الأرض القطرية بما فيها الإدارة المركزية للقوات الأميركية في المنطقة.
تناكف السعودية، وتَغيظُ مصر، وتتَلاعب مع السلطة الفلسطينية، وقبل سنوات كانت تلعب بأعصاب الأردن، ومعظم الدول الخليجية لا ترضى عن سياساتها.
قطر ليست على وفاق مع مصر بل وصلت الى مرحلة العدائية وتتطاول عليها عبر قناة الجزيرة وبرغم الإنكار القطري الدائم بعدم السيطرة على قرارها فإن أحدا لا يفصل بين قطر والجزيرة ويعتبرها العرب الذراع الإعلامية لدولة قطر في مناكفة الخصوم.
في فترة ما سمحت قطر لقناة الجزيرة وعبر الصحافي محمد حسنين هيكل بالتهجم على الأردن والتطاول على رموز العائلة المالكة.
في هذه الأيام، قطر على عداء مع القيادة المصرية وتعمل كرأس حربة عن طريق الجزيرة في تأزيم الحالة المصرية، وتحتضن القيادات الإخوانية كلها الهاربة من بلدانها .
وفي الأزمة السورية انقلبت على القيادة السورية التي كانت على وئام غير مسبوق معها.
مع الخليج وبالذات السعودية تجاوزت المناكفة إلى أن اضطرت دول خليجية إلى سحب سفرائها من الدوحة ومحاصرتها.
تذكرون تصريحات أمير قطر التي اخترق المخترقون وكالة انبائها كما جاء في بيانها الرسمي، استفزت حلفاءها في مجلس التعاون الخليجي، فلم يقتنعوا بقصة الاختراق، فاتخذوا قرارات ضد الدوحة وقناتها الفضائية.
بالمناسبة؛ الجزائريون في القمة الأخيرة تذكروا جملة أميرها السابق (حمد بن خليفة) في قمة غزة بالدوحة عندما لم يكد يكتمل النصاب إلا أن ينقص “حسبنا الله ونعم الوكيل” التي يقال أن المستشار عزمي بشارة هو من صاغ ذلك الخطاب وجملة رئيس وزرائها السابق “تبنا.. ”.
الدايم الله….