أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – ظاهرة توسعت منذ سنوات، قيام جمعيات ثقافية، ومؤسسات زراعية، ومراكز إبداعية للشعر والنثر، ومؤسسات مختلفة بتوزيع دروع تكريمية في كل نشاط تقوم به.
لم يبق ناد رياضي أو مركز ثقافي، او مهرجان فني او ثقافي على مختلف مستوياتها، أو مركز تدريب، أو جمعية علمية او إجتماعية أو عائلية، لم تصمم درعا لها وتوزعه بالعشرات على كل من يدخل مبناها أو يشارك في أية مناسبة خاصة بها.
لم يبق صالون ثقافي، أو مركز تعليمي لقص الشعر، أو مدرسة خاصة، أو جامعة أو مؤسسة لتدريب السواقة، أو جمعية تربية المواشي، إلا ووزعت الدروع إلى كل عابر سبيل يقترب منها أو يمدحها بسطر في السوشيال ميديا.
ظاهرة أفقدت الدروع وفكرة التكريم، رمزيتها من كل قيمة أو معنى.
هذه الظاهرة قد تنسحب قريبا على مؤسسات أخرى كالأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني عموما، فتقوم هذه المؤسسات بتكريم الرعيل الأول فيها، او الرموز التي عبرت في محطاتها بدروع مختلفة.
للعلم؛ معظم هذه الدروع أصبحت تباع بتراب المصاري، وقد لا يتعدى سعر بعضها ثلاثة دنانير، واشتغلت مكتبات ومحال نجارة وإكسسوارات بهذه التجارة بعد أن أصبحت مطلوبة دائما.
الدروع التي كانت بازارات متخصصة تنتجها لم تعد موجودة نظرا لارتفاع أسعارها، فانتقل الأمر إلى الاعتماد على دروع “صينية الصنع” بأردى ألانواع وأخفض الاسعار.
أشياء كثيرة في حياتنا أصابها العطب، وفقدت رمزيتها وقيمتها المعنوية، حتى التكريم والتقدير أصبحا يوزعان لمن يستحقهما أو لا يستحقهما، لهذا فقدت الأشياء معناها، وفقدت لحظات التكريم أية قيمة تحفر في ذاكرة الإنسان.
مرات كثيرة، لاحظت أن بعض الأشخاص الذين توزع إليهم الدروع والشهادات التقديرية يتركونها في الأماكن التي كانوا حاضرين فيها، لأنهم يعلمون ألا قيمة حقيقية لهما، وأنهما أقل التكاليف في التقدير والتكريم بحيث أصبح يوزعها كل من هب ودب.
التكريم والتقدير قيمتان لا يعرف معناهما إلا كل من يستحقّهما، ويعرف أنهما لا بد أن يَأتِيا من جهة مقدرة جهده وتميزه وعطاءه.
أعرف أصدقاء وزملاء في المهنة تركوا عشرات الدروع في مكاتبهما عندما غادروها، ولم يكلفوا أنفسهم حمل هذه الدروع والشهادات إلى منازلهم لأنها فعلا أصبحت بلا قيمة، ولا محتوى.
الدايم الله….