أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – يحدث هذا فقط في الأردن، رئيس الحكومة يقرر الأربعاء رفع أسعار مواد الوقود ليصل سعر تنكة الكاز 18 دينارا (26 دولارا) والديزل أكثر قَليلًا، وسعر تنكة البنزين 20 دينارا، ويخرج علينا “الجمعة” على شاشة التلفزة الأردنية يحدثنا عن الإنجازات وموجة التحديات، وأن اقتصادنا يسير باتجاه التعافي.
الحكومات التي ترفع أسعار مواد الوقود في أية دولة في العالم، يتنحى أعضاؤها جانبًا حتى تمر عاصفة الاحتجاجات، لا يخرج رجالاتها يحدثون شعوبهم عن بطولاتهم في فريق “الرعد”.
مرة أخرى؛ وبموضوعية شديدة، لم يقدم رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة سطرا جديدا في حواره مع الزميل عمر كلاب، وتعبنا كثيرا من المسؤولين الذين يتبجحون أنهم لا يبحثون عن الشعبوية، وفي الوقت ذاته يطحنون الشعب بقراراتهم الجائرة بحق شعبهم.
إكتملت الصورة تحت قبة البرلمان في جلسة الاثنين الصاخبة، وبانفعال واضح رد الرئيس على انفعالات النواب، وعاد إلى صيغة أتحدى وأتحدى، طبعا لا يتحدى بالإنجازات إنما بأن حكومته ليست أكثر الحكومات اقتراضا (يا فرحتنا).
غضب النواب تعدى الاحتجاج على رفع أسعار مواد الوقود، وعلى الحالة الصعبة من الفقر والعوز التي يعيشها الأردنيون، بل وصلت القناعات إلى حالة العجز الشديد الذي يمر به النواب في مواجهة قواعدهم الانتخابية، وأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا لهم شيئا لتخفيف الفقر والبطالة، بعد أن حولتهم الحكومة إلى مسهلي الإعفاءات الطبية.
أكثر من نائب طالب بالصوت الواضح حل البرلمان، لأنه أصبح عاجزا عن أن يفعل شيئا للبلاد والعباد، وباتوا يشعرون أنهم حِمْل على الحالة السياسية، ولم يعد بأيديهم شيء، وأكثرهم أصبحوا يشعرون بالخجل إذا عادوا إلى مناطقهم الانتخابية.
وأكثر من نائب دعوا إلى حجب الثقة عن الحكومة، مع أنهم يعلمون جيدا أن هذا الأمر لن يحدث أبدا.
الآن؛ بعد أن انتهت صلاحية الحكومة والنواب، أصبح إكرام الميت دفنه، لعل وعسى تتشكل حكومة جديدة بقيادة موثوقة وطَنيًا ببرنامج إصلاح جِدِّي، ومقبولة من الطيف السياسي الوطني، وتحوز على بعض الرضى الشعبي.
منذ سنوات والمواطنون يطالبون بتغيير نهج تشكيل الحكومات، بعد فشل الاستشعار السياسي والأمني على التنبؤ بحجم الغضب في صدور الأردنيين.
لقد تعب الشعب الأردني ولم يعد تنطلي عليه الممارسات ذاتها، وتدوير الوجوه من دون تغيير حقيقي، واكتشف ألا أحد يقف معه، ولو رحلت الحكومة اليوم، فسيعود نصفها في الحكومة القادمة، وإذا حُل البرلمان فبعد ثلاثة أشهر يعود 80% من النواب السابقين، وإذا أعيد تشكيل مجلس الأعيان فالتركيبة معروفة، هذه اللعبة لم تعد تنطلي على أحد، ولا حل إلا بتغيير النهج، في السياسات والرؤى للمستقبل، وهذا ما ينتظره الأردنيون الذين لا مصلحة لهم في بقاء الحال على ما هي عليه، فليست القضية في اسم رئيس الحكومة، ولكن في النهج السياسي والاقتصادي الذي تقوم عليه الدولة في تشكيل الحكومات ومحاربة الفساد.
الدايم الله…..