أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – يتداول نواب مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة وقع عليها حتى الآن 35 نائبا، والعدد مفتوح لزيادة متوقعة، لكن يعرف كل من دخل قبة البرلمان الأردني أن لا حجب للثقة عن أية حكومة أردنية، وقد جربت هذه الوسيلة البرلمانية عدة مرات وفي كل مرة تعود للحكومة ثقة جديدة.
قبل سنوات، وللدقة في أيار 2013 وقعت مذكرة من 87 نائبا لحجب الثقة عن حكومة الدكتور عبدالله النسور، ومع هذا لم تصل المذكرة إلى مبتغاها، وعاد النواب بخفي حنين.
السادة أعضاء مجلس النواب يعلمون أنهم لن يجرؤوا على حجب الثقة، وهم الآن في عطلة برلمانية غير معلنة، فلم تعقد جلسة نيابية بعد الجلسة التي أغضبت رئيس الوزراء قبل 10 أيام وخرج يومها من تحت القبة، بعد هجوم نيابي عنيف على حكومته.
في أية جلسة نيابية مقبلة، سينتف النواب ريش الحكومة ريشة ريشة، ولن يتركوا شاردة أو واردة إلاّ وسوف ينفخون فيها.
النواب؛ مثل كل المواطنين، ينتابهم غضب شديد مما يجري في البلاد، خاصة بعد الحادث الأليم واستشهاد العقيد عبدالرزاق الدلابيح، وهم ليس في أيديهم حيلة أو فعل شيء.
إذا سارت جلسات مجلس النواب طبيعية، ووصلت مذكرة النواب إلى النقاش العام تحت القبة، سوف نشهد ساعات نارية من الخطابات غير المسبوقة من قبل النواب، بعد أن منحهم الرئيس ذخائر عديدة يقصفون بها الحكومة، وقلة قليلة من النواب سوف يقفون ويتكلمون بهدوء وبعقل بارد.
خطابات حجب الثقة سوف تكون صعبة وقاسية على الحكومة، وعلى رئيسها بالذات، وقد بدأ التهديد مبكرا من قبل نواب بحجب الثقة، وهناك نواب مُقرِّرون الحجب عن الحكومة الحالية أو أية حكومة أخرى، وهناك نواب لا يؤمنون بفكرة حجب الثقة فهي خارج قاموسهم السياسي، خوفا على مصالحهم، مع الحكومة الحالية أو غيرها، لكن مهما كانت القراءات، فلا أحد يتوقع أن يصل الرفض والهجوم على الحكومة إلى مستوى حجب الثقة عنها.
في حوزة النواب مشروع قانون الموازنة، وهذا هو حجر الأساس للأزمة التي نعيش، فهو الذي يمرر للحكومة أي قرار أو فعل في السنة المقبلة، وهم يستطيعون أن يفرضوا على الحكومة أي توجه نيابي ممثلا عن الشعب في مشروع الموازنة، فإن هم رفضوها، فهذا تصويت علني على رفض سياسات الحكومة المالية والاقتصادية، وفي العرف البرلماني عدم التصويت على الثقة، يعني برلمانيا حجب الثقة عن الحكومة، وهذا الأمر أسهل بكثير من طرح مذكرة حجب الثقة ونتائج ذلك معروفة سلفا.
نعلم أن مذكرات حجب الثقة تأتي على عجل، وفي لحظات الغضب، لكن الكارثة الأكبر أن يتم طرح المذكرة للتصويت وتحصل الحكومة وفي هكذا أجواء وظروف على ثقة جديدة، عندها على المجلس والنواب تسليم مفاتيح المكاتب ونمر السيارات والعودة إلى بيوتهم.
بالعربي الفصيح؛ نعلم أن الحكومة الآن مرفوع عنها الغطاء، ولا أي طرف في معادلة الدولة من الممكن أن يدافع عنها، ومراكز قوى الدولة لن تقبل أن تسقط الحكومة برلمانيا بحجب الثقة عنها، لكن يمكن ترحيلها في أية لحظة إذا قرر ذلك صاحب الحق الدستوري، وهذا ليس مستبعدا.
الدايم الله….