أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – السؤال المركزي الآن الذي يُواجِهُكَ في أي مكان، ومن كل الفئات، بعد أسبوعين ساخِنَيْن هو: ما الذي سيحدث الآن وما هو المتوقع من قرارات وتوجهات ؟..بالعامية …”شو بدو يصير الآن ؟!…”.
الاحتجاجات هدأت أو ستهدأ حتما، وتعود الحياة لطبيعتها، وستبقى المطالبات معلقة في رقبة الزمن والحكومة، أو الحكومة التي ستليها، ولكن من يقول إن هناك حكومة قادمة، وهل ستأتي حكومة جديدة قبل إقرار مشروع الموازنة الموجود في حضن مجلس النواب، وهل الحل في حكومة جديدة؟!
من المتوقع أن تخفض الحكومة نهاية الشهر أسعار البنزين والكاز والسولار، وهناك توجه أن لا يتم رفع الأسعار حتى نهاية الشتاء، لكن هل هذا حل للأزمة بعد الارتفاعات الكبيرة التي وصلت لها تنكة الكاز والسولار؟!
الأزمة في الأردن مركبة أكثر من قصة الأسعار وتبديل الحكومة، لأننا بحاجة إلى تجديد الحياة السياسية حتى يتم تجديد دورة الحياة الاقتصادية، ولن تستطيع الحياة السياسية في الأردن الاستمرار والصمود، إذا بقيت خاضعة لسياسة الأسرار والكواليس، وأحاديث الصالونات، وجلسات النميمة السياسية، وإصعاد “عمرو” وإهباط “زيد”.
لقد تغير العالم من حولنا، وتغيرت أكثر أفكار الشباب، وأصبح هناك من يستطيع تكوين جروبات سياسية واجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك جيل جديد يحتاج إلى خطاب سياسي واجتماعي وثقافي مختلف عن الخطابات التي تربى عليها أسلافه.
نحتاج فعلا إلى تجديد في الحياة السياسية الأردنية بمختلف اتجاهاتها، بطريقة تفكير جديدة، وبأشخاص من خارج العلبة، ونعتمد على الاستراتيجيات بدلا من الفزعات، وعلى العمل الممنهج بدلا من العمل بالقطعة.
في المستجدات من حولنا نحتاج إلى استراتيجيات تؤشر لنا ولمن حولنا وللعالم إلى طريقة تفكيرنا، وموقفنا المبدئي من كل ما يحصل، وكيف نحضر أنفسنا لها، بحيث لا نتعامل مع المستجدات بعد وقوعها، ولا نحتكم للتوقعات.
لقد تاهت مواقفنا كثيرا، وأصابها التشويش، ولا نجد من يدافع عنها أو حتى يقوم بتوضيح الصورة كاملة، ولا نجد قيادات سياسية وإعلامية تخرج علينا بملخص شامل متكامل لرؤيتنا في كل ما يجري.
في الموضوع الفلسطيني، هناك حكومة لئيمة يتم تشكيلها في الكيان المحتل، أكثر تطرفا وهوجا من الحكومات السابقة، فهل لدينا إجابات في قابل الأيام، وكيف سنتعامل معها، أم نبقى نعمل على قاعدة، ندعم خيارات السلطة، وحل الدولتين؟.
الأمثلة كثيرة، ولا أريد أن أسلط الضوء على أكثرها غضبا، لكن في دولة العدو “اسرائيل”، هناك لقاء سنوي يسمى “ميزان المناعة” يجمع كل أصحاب الاختصاص، من سياسيين واقتصاديين وعسكريين وأكاديميين….، لبحث القضايا التي قد تتعرض لها دولة الكيان الصهيوني، ويتم ترسيم وجهات نظر استراتيجية في كل عنوان، بحيث تبنى استراتيجية الدولة في أثرها.
ما يضعف مناعتنا نحو العمل المؤسسي الاستراتيجي، هو سيطرة العقل الفردي البيروقراطي على قيادات مؤسساتنا، وتغول بعضها على بعض.
الدايم الله….