لماذا ترتعد فرائص إسرائيل من فتوى محكمة  العدل  الدولية ؟ 

أيمن سلامة –

 

الأول نيوز – بأغلبية 87 صوتا، اعتمدت الجمعية العامة قرارا يطلب إلى محكمة العدل الدولية إصدار فتوى بشأن آثار انتهاك إسرائيل المستمر لحق الفلسطينيين بتقرير المصير ، والقرار الذي تم التصويت عليه بناء على ما جاء في تقرير اللجنة الرابعة للجمعية العامة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، اعتُمِد بأغلبية 87 صوتا واعتراض 26 دولة وامتناع 53 دولة عن التصويت. 

من خلال مشروع القرار الأول المعنون “الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”، قررت الجمعية العامة في الفقرة 18، ووفقا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، أن تطلب إلى محكمة العدل الدولية  عملا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، أن تصدر فتوى بشأن المسألتين التاليتين، مع مراعاة قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ذات الصلة وفتوى المحكمة المؤرخة 9 تموز/يوليو 2004: 

ما هي الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟ 

  • كيف تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في الفقرة 18 (أ) على الوضع القانوني للاحتلال وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة؟ 

وفي هذا السياق، طلبت الجمعية العامة في قرارها الجديد من الأمين العام أن يقدم في دورتها الثامنة والسبعين تقريرا عن تنفيذ هذا القرار، بما في ذلك بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى الأراضي العربية المحتلة الأخرى. 

جَليُ أن الفتوى هي وظيفة من وظائف المحكمة مفتوحة فقط لهيئات ووكالات الأمم المتحدة المحددة ، و يمنح ميثاق الأمم المتحدة الجمعية العامة أو مجلس الأمن سلطة مطالبة المحكمة بإصدار رأي استشاري بشأن أي مسألة قانونية، ولا يجوز للأجهزة الأخرى في الأمم المتحدة بدلاً من الجمعية العامة واللجنة الدائمة طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية ما لم تأذن الجمعية العامة بذلك، وتطلب الأجهزة الأخرى في الأمم المتحدة فقط رأي استشاري من المحكمة فيما يتعلق بالمسائل التي تدخل في نطاق أنشطتها.  

هذا الطابع غير الملزم لفتاوي المحكمة لا يعني أن الفتاوى ليس لها أثر قانوني، لأن المنطق القانوني المتجسد فيها يعكس وجهات نظر المحكمة الرسمية الجهاز  القضائي  الرئيسي للأمم المتحدة – بشأن قضايا مهمة من القانون الدولي ، وتستمد الفتوى مركزها وسلطتها من حقيقة أنها النطق الرسمي للجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. 

من الناحية العملية فان للآراء الاستشارية لمحكمه العدل الدولية قدرا كبيرا من الأهمية التي تفوق في بعض الاحيان اهميه الاحكام كما ان النظرة الفاحصة للسلوك اللاحق للأجهزة طالبه الراي توضح حقيقه ان هذه الأجهزة تعاملت مع هذه الآراء الاستشارية تماما كما لو انها كانت ملزمه لها قانونا . 

لقد اسهمت محكمه العدل الدولية من خلال آرائها الاستشارية على نحو ملحوظ في انشاء قواعد القانون الدولي وتوضيحها وتطبيقها وهذا الدور الانشائي والتوضيحي يمكن تفسيره بإرجاعه الى عدم كفاية قواعد القانون الدولي شانه في ذلك شان اي نظام قانوني لا يخلو من وجود بعض النقص او الثغرات في قواعده كما ان التطورات التي شهدتها العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ادت الى عدم كفاية قواعد القانون الدولي لتنظيم الروابط والمراكز القانونية الدولية الجديدة ، كذلك لقصور بعض نصوص ميثاق الامم المتحدة عن مواكبه التطورات الدولية وغموض بعضها الاخر اذ لم يحدد الميثاق بعض المفاهيم التي اثبت العمل الدولي اهميتها كمفهوم التدخل والنزاع والمسالة القانونية وغيرها . 

إن ردود الأفعال  الإسرائيلية التي واكبت صدور المتقدم لجمعية العامة للأمم المتحدة ، تنفي الآراء التي تفُرغ الفتاوي  الاستشارية للمحكمة  من أي أثر قانوني  ، فهذا الرئيس  الإسرائيلي أفيغدور ليبرمانيكتب على تويتر: “قرار سخيف يجب إدانته بشدة صدر الليلة في الأمم المتحدة ، وهذا دليل آخر على أن دولة إسرائيل لن تكون قادرة على الوثوق بالمؤسسات الدولية في لحظة الحقيقة، وهذا القرار تجسيد للنفاق والظلم . 

ختاما ، لن تستطيع دولة أطول احتلال عسكري بغيض ،عرفته الإنسانية في تاريخها الحديث ، أن تصمد أمام هذا  الزخم  الضخم من القرارات و التوصيات و الآراء  الاستشارية التي ما فتئت تصدر عن منظمة  الأمم  المتحدة و غيرها من منظمات دولية ، و لعل مثال جنوب افريقيا  العنصرية ” سابقا” الصارخ خير دليل .  

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المغفور له الملك الحسين علاقته بالصحافة

الأول نيوز – شفيق عبيدات بمناسبة ذكرى ميلاد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال …