نحتاج إلى زلزال فعلًا!

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – منذ الزلزال المدمر في سورية الحبيبة وتركيا، لا حديث للعامة ولا حتى للمختصين إلا عن الزلازل والخوف من وقوعها، خاصة أن المنطقة لا تزال تحوم في ارتدادات زلزالية تقع يوميا، خاصة في فلسطين.

علماء ومختصين كثيرون  يدلون بدلائهم على شاشات الفضائيات وعبر فيديوهات بعد أن زاد الطلب على أرائهم في اليومين الماضيين، إلا أن أهم ما قيل نفي الجيولوجـــــيين لوقوع زلزال في الاردن، نفي علمي، نتمنى أن يصدق ولا يقع زلزال طبيعي في بلادنا، لأنه بالعامية..(مش ناقصنا).

لكن، نحتاج فعلا إلى زلزال سياسي تغييري يصيب معظم بنيان حياتنا ومرافق عمل الحكومة ومؤسسات الدولة ورجالاتها، كما يصيب مجمل الحياة السياسية الرسمية والشعبية، والأهم الاقتصادية قبل أن يصطدم الناس  بالحيط أكثر من ذلك.

حالة من القلق الشديد ترتسم ملامحها على وجوه العامة، وحالة من الاضطراب على وجوه الرسميين، وقلق وجودي عند الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات الخاصة، (هل تعلمون أن تراجع الحكومة، عن قرارها السابق الشهر الماضي برفع الحد الأدنى للأجور للعام الحالي بنسبة 4.2 من مئة، من دون توضيح الأسباب وتثبيت الحد الأدنى للأجور  “260” دينارا وعدم رفعه للعامين الحالي والمُقبل قد أصاب الآلاف بعدم التفاؤل بتحسن الاوضاع).

في الشارع قلق وترقب من خطط ومشروعات سياسية مريبة، إن وقعت مثلما يتسرب، فانها تمس مستقبل الاردن وشكله، وإن تطورت فإنها تصفي القضية الفلسطينية، وتنهي أحلام شعبها.

في البلاد حالة اقتصادية مرعبة ومُستعصية، لا تصدقوا الأرقام الرسمية التي تخرج من أفواه المسؤولين، ما عليكم سوى متابعة عدد الشركات المتعثرة، والمؤسسات التي لا تدفع رواتب موظفيها، والتسريحات بالجملة من المصانع والشركات، والديون وفوائدها التي تثقل كَواهل مؤسسات رسمية وشبه رسمية (فوائد ديون أمانة عمان مرعبة) وفوائد ديون الدولة بالكامل مرعبة أكثر.

جولة بسيطة في جبل الحسين، دوار فراس، أو الصويفية شارع الوكالات وإحصاء أعداد المحال التي ترفع لافتات “المحل للبيع” أو “مستودعات للإيجار” تصيبك بالرعب من الحال الذي وصلت إليه أوضاع التجار من مختلف أصناف التجارة.

في البلاد ايضا فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من يحمل السلاح ويدافع عن سارقي المياه، وهناك من يقطع الشوارع للدفاع عن طلبة توجيهي غشاشين، وهناك أشخاص يعملون في عدة وظائف في الوقت نفسه، ويتقاضون رواتب وتنفيعات من أكثر من جهة، ويتحدثون عن الأخلاق.

هناك مسؤولون مؤبدون في مناصبهم، يحتاجون الى وقوع زلزال حتى تتحرك الكراسي من تحتهم، فهم لا يغادرونها إلا إلى سحاب، ولا يؤمنون بتجديد الدماء، ودورة عمر السنوات، وسُنّة الحياة.

في البلاد بؤس وثقة معدومة من كل شيء لا تتعالج هذه المشكلات المتراكمة سوى بزلزال يقلب الأوضاع رأسا على عقب.

الدايم الله…

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

عقلاء وحكماء في بطانة صانع القرار

 أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – نمرّ بمرحلة في غاية الحسّاسية، لا ينفع فيها …