لِمَ تختلف وساطة الصين لتسوية النزاع الروسي الأوكراني ؟

أيمن سلامة –

 

الأول نيوز – أثارت المبادرة الصينية للسلام بين روسيا وأوكرانيا فضول البعض وتشكيك البعض الآخر، ففيما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نيته بحثها مع نظيره الصيني شي جينبينغ، اعتبر نظيره الأميركي جو بايدن فكرة تفاوض الصين على نتائج الحرب “غير عقلانية” .

تُعد الوساطة إحدى الآليات السلمية الرئيسة التي يتم اللجوء إليها لتسوية المنازعات والصراعات بأنواعها المتعددة، وفى مستوياتها المتنوعة، باعتبارها تمثل إحدى عمليات تخفيف الصراع وتخفيض حدته، وبهذا المعنى؛ فالوساطة إحدى وسائل صنع السلام التي تختارها الأطراف المعنية ذاتها، حيث يتحدد دور الوساطة فى تخفيف حدة الصراع وتخفيض – إن لم يكن إيقاف – سرعة تصاعده.

تمثل الوساطة إحدى الآليات السلمية التي تلعب المهارات الشخصية والمهنية للوسيط كطرف ثالث – بالتفاعل مع عوامل أخرى – دورًا رئيسًا فى تيسير توصل الأطراف المعنية إلى تسوية مقبولة أو حل مُرضٍ لصراعاتهم أو منازعاتهم.

وتتميز الوساطة فى الأساس بكونها اختيارية، وتتجلى هذه الصفة فى كل الأمور، فهي تحكم: مبادرة الوسيط، حيث لا شيء يلزمه بتقديم وساطته، وتتمتع الدول أطراف النزاع بحرية كاملة فى رفضها الوساطة، أو الانسحاب منها فى أي وقت، وفى نهاية المطاف نتيجة الوساطة ليست إلزامية ولا تفرض على أطراف النزاع.

فالوساطة: مسعى طوعي، تكون فيه موافقة الأطراف أمرًا حاسمًا من أجل القيام بعملية قابلة للتطبيق والتوصل إلى نتائج دائمة، ويتأثر دور الوسيط بطبيعة العلاقة مع الأطراف، فعادة ما يكون لدى الوسطاء مجال كبير لتقديم مقترحات إجرائية وإدارة العملية، بينما يتفاوت نطاق المقترحات الموضوعية ويمكن أن يتغير مع مرور الوقت.

وتستجيب عملية الوساطة الفعالة لخصوصية النزاع، وتأخذ فى الاعتبار أسباب النزاع ودينامياته، ومواقف الأطراف ومصالحها وتجانسها، واحتياجات المجتمع على نطاق أوسع، فضلًا عن البيئتين الإقليمية والدولية.

ويُعد الحياد حجر الزاوية فى الوساطة، وينبغي أن يكون الوسيط قادرًا على إدارة عملية متوازنة يتم فيها التعامل مع جميع الجهات الفاعلة بشكل منصف، وينبغي ألا تكون له مصلحة مادية فى النتيجة. ويتطلب ذلك أيضًا أن يكون الوسيط قادرًا على التحدث مع جميع الأطراف الفاعلة ذات الصلة بحل النزاع ، ويعد حياد الوسيط الدولي حجر الأساس الذي تتأسس عليه أية وساطة بين الدول المتنازعة .

نافل القول ، وبالرغم من تحفظ بعض الدول علي المبادرة الصينية بالتوسط بين الدولتين المتحاربتين ، لكن يجب الإشارة إلي أن الصين الشعيبية تكاد تكون الدولة الوحيدة بين الدول الدائمة العضوية

في مجلس الأمن التي لا تتدخل في الشؤون السيادية الداخلية للدول ، ولم يدون ماضيها في الكتاب الأسود للدول و الأنظمة الاستعمارية ، فضلا عن تصدرها لحركة عدم الانحياز لسبعة عقود .

كما هو معروف ، فإن موقف الصين الداعي إلى حل سلمي للنزاع في أوكرانيا من خلال الحوار ليس جديدًا ، بل هو نفسه , منذ اندلاع الصراع وحتى قبله، وبالرغم أن الصين ليست أول من عرض المساعدة لتحقيق السلام في أوكرانيا ، لكن يبدو أن هذه الدعوة تختلف عن جهود الوساطة السابقة.

صحيح أن جهود الوساطة التي بذلت منذ بدء الحرب لروسية الأوكرانية أدت إلى نتائج فعلية ، وإن كانت لم تؤثر بشكل حاسم في تسوية النزاع و حتي بشكل تدريجي ، صحيح أن جهود تركيا أدت إلي صفقة الحبوب ، كما أدت وساطة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إلى تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.

تسعى الصين ، بجهودها العالمية ، إلى إعادة رسم مرحلة الصراع العالمي بشكل مختلف عن عقلية الدمار الشامل الغربية، و تستند الجهود الصينية إلى حقيقة أنه يمكن أن يكون هناك “نحن وأنت” ، الأمر الذي يتطلب نظامًا عالميًا جديدًا يقوم على التعددية القطبية والاحترام المتبادل والتكافؤ ، ويأتي ذلك من خلال استغلال أية نجاحات للمبادرة الصينية بالوساطة بين الدولتين المتحاربتين : روسيا وأوكرانيا .

ختاما ، بدلا من التشكيك في المبادرة الصينية ، من المهم الإشارة إلي ترحيب الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الجمعة الماضي ، حين تحدث في مؤتمر صحافي: «أنوي لقاء شي جينبينغ، و سيكون ذلك مهماً للأمن العالمي “.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المغفور له الملك الحسين علاقته بالصحافة

الأول نيوز – شفيق عبيدات بمناسبة ذكرى ميلاد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال …