د.كلَّاب: المجتمعات العربية بشكل عام والأسرة بشكل خاص تواجه تحديات متعاظمة وأخطار متنامية مع ما يشهده المجتمع من تحولات وتغيرات مادية وفكرية
د.خصاونة:التبني لقيم مغايرة للقيم وللثقافة العربية لا يخدم الاستدامة المجتمعية ويسبب حالة من التفكك داخل الأسر العربية
د.حجازي: هناك عدة شرائح من الأسر لكل منها خصوصياتها البنيوية وتوجهاتها وتحدياتها الحياتية واحتياجاتها التمكينية
زلزل: تأثير سلبي لتعدد القوانين المتعلقة بالطوائف في بعض البلدان مع غياب قانون ينظم الفوارق الطائفية والاجتماعية
د.خمش: لكل مجتمع من المجتمعات العربية خصوصية ينفرد بها على الرغم من وجود العديد من السمات والعناصر المشتركة
الأول نيوز – عقد منتدى الفكر العربي لقاءً حوارياً وجاهياً وعبر تقنية الاتصال المرئي، حاضرت فيه رئيسة جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان في بيروت د.إلهام كلّاب البساط حول “الأسرة العربية وتحديات التربية” مع نماذج من التجربة اللبنانية، وشارك بالمداخلات، في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام لمنتدى الفكر العربي سابقاً د.فايز خصاونة، كل من : الأكاديمي والمفكر اللبناني أستاذ علم النفس د.مصطفى حجازي، والمحامية والباحثة الاجتماعية الأستاذة ماري روز زلزل من لبنان، وأستاذ علم الاجتماع والسياسات الاجتماعية الدكتور مجد الدين خمش من الأردن، وحضر اللقاء عدد من المهتمين.
أوضحت المُحاضِرة د.إلهام كلَّاب البساط أن المجتمعات العربية بشكل عام والأسرة بشكل خاص تواجه تحديات متعاظمة، وأخطار متنامية مع ما تشهده المجتمعات من تحولات وتغيرات مادية وفكرية تتزامن مع اتساع وتيرة العولمة والانفتاح على الآخر في ظل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
وأشارت د.البساط إلى أن العائلة اللبنانية كعائلة عربية – على سبيل المثال – تعاني عدداً من التحديات، أهمها مواجهة المتغيرات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والتربوية، والضغوطات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، إلا أنها تواجه هذه التحديات من خلال ابتداع طرق جديدة وملائمة للعيش وباستدعاء قدرتها على الاحتمال.
وناقش المتداخلون في اللقاء التحديات التي تواجه الأسرة العربية وجملة التغيرات الجذرية التي تحدث نتيجة التطورات المتسارعة، وتحولات العولمة والثقافات، وأهمية تحصين وحماية الأسر العربية من هذه التغيرات التي لها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الهوية والانتماء والقيم العربية الأصيلة، مشيرين إلى خصوصية كل من الشرائح الأسرية داخل المجتمعات العربية والفوارق الاجتماعية، والقوانين والأنظمة التي تنظم العلاقات داخل هذه المجتمعات.
التفاصيل:
أوضحت المُحاضِرة د.إلهام كلَّاب البساط أن للأسرة العربية دوراً مهماً في التربية، وأنها خلية تفاعلية وتبادلية بين الأفراد، وتعد الموقع الارتدادي للتحولات الاجتماعية والسياسية والقيمية سواءً أكانت هذه التحولات داخلية أو خارجية، مشيرةً إلى التحديات والأخطار المتنامية التي تشهدها الأسرة اللبنانية، ودورها في التصدي لهذه التحديات من خلال ابتداع طرق جديدة للتعايش، وباستدعاء قدرتها على الاحتمال، وتعزيز الشعور الإنساني والرحمة.
وقالت د.كلَّاب: إن الأسرة اللبنانية – على سبيل المثال – مطالبة اليوم بمواجهة تحديات العصر وعلى رأسها الإفقار الاقتصادي، وزحف الفقر، وانهيار المؤسسات المالية والصحية والتربوية، وظواهر الفساد، وهجرة الشباب، وانكسار الكهول، وتحدّي النزوح، ونمو العصبيات الطائفية، وسلطة قوانين الأحوال الشخصية، والعزوف عن الزواج والإنجاب، وازدياد العنف، وتململ وهشاشة الحياة النفسية واليومية والعائلية، وانقلاب الهرم المعرفي التكنولوجي بين الأجيال.
وأضافت د.كلَّاب أن المجتمع اللبناني يسعى من خلال الأنشطة المتنوعة للجمعيات والمؤسسات المدنية على تأمين المساعدات العينية، والتوعية الأُسرية، وترشيد طرق الإنفاق، وابتداع المشاريع الصغيرة، وتوفير الخدمات الطبية والنفسية لمواجهة تنامي العنف نحو النفس والآخرين، وتنويع نشاطات الشباب، والاهتمام بأوضاع النساء، والتأكيد على أهمية المواطنة، والمتابعة المتواصلة للنشاطات الثقافية والفنية وتشجيع المبدعين.
وتناولت د.كلَّاب تداعيات الانهيار الاقتصادي على كل من قطاع التربية والصحة والسكن، والإحصاءات المعيشية لدخل وإنفاق الأسر، ومؤشرات أسعار الاستهلاك، مبينةً أن لبنان جاء في المرتبة الأولى عالمياً على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء بنسبة وصلت إلى 216%، الأمر الذي يشير إلى حجم التحديات المقبلة على لبنان الذي يعاني من أزمة حادة في أمنه الغذائي وفي قطاعي التعليم والصحة.
وتحدث د.فايز خصاونة عن التحولات القيمية داخل المجتمعات العربية والتحديات التي فرضتها هذه التحولات، مشيراً إلى أن عملية تبني قيم مغايرة للقيم وللثقافة العربية لا تخدم الاستدامة المجتمعية ويمكن أن تسبب حالة من التفكك داخل الأسر العربية، كما تناول د.خصاونة دور التعليم في تعزيز ودعم عملية التنمية المستدامة، ومعالجة الفقر والبطالة والفساد داخل المجتمعات، مؤكداً ضرورة أن تكون عملية الإصلاح لقطاع التربية والتعليم في المنطقة العربية شاملة ومتوازية لجميع عناصر عملية التدريس.
ولفت د.مصطفى حجازي إلى فئات المجتمع اللبناني وشرائحه كأنموذج، مبيناً أن هناك عدة شرائح من الأسر اللبنانية لكل منها خصوصياتها البنيوية وتوجهاتها وممارساتها العملية، واستراتيجياتها التربوية، وتحدياتها الحياتية واحتياجاتها التمكينية، مشيراً إلى أن “شريحة النخبة” قادرة على مواجهة التحديات التربوية وآفات الواقع السياسي والاقتصادي، وأن “الشريحة الصانعة للفساد” بحاجة إلى مشروع إصلاح وطني متعدد الأوجه لردعها، وأن “الشريحة الوسطى” تحتاج إلى التحصين من خلال تمكينها وتوفير فرص عمل لأبنائها، وأن “شريحة ما دون خط الفقر” بحاجة إلى برامج وطنية متكاملة.
وتناولت الأستاذة ماري روز زلزل الأحوال الشخصية والمصالح الدينية والدنيوية للطوائف والمذاهب، مشيرةً إلى أن تعدد القوانين المتعلقة بالطوائف، وغياب القانون العام الذي ينظم الفوارق الطائفية والاجتماعية أوجد حالة سلبية، كما بينت الأستاذة زلزل دور المجتمع المدني في تعزيز عملية التربية والتنشئة لدى الأفراد على المواطنة واللاعنف، واحترام حقوق الإنسان، وحرية الاعتقاد والمساواة بين المواطنين كافة من خلال المبادرات والأنشطة.
وأكد د. مجد الدين خمش أن لكل مجتمع من المجتمعات العربية خصوصية ينفرد بها على الرغم من وجود العديد من السمات والعناصر المشتركة، وأن التحديات التي تواجه المجتمع الأردني مثلاً متعددة كأي مجتمع آخر، إلا أن هنالك أولوية وطنية يجري العمل على مواجهتها من خلال التحديث الثلاثي للاقتصاد والإدارة والسياسة، مبيناً أهمية تعزيز طرق التربية داخل الأسر العربية من خلال المساواة بين الأبناء، والإشباع العاطفي، والابتعاد عن العنف، ومشاركة الأبناء في قرارات الأسرة.
هذا وجرى نقاش موسع بين المتحدثين والحضور حول القضايا التي طُرحت.
يمكن متابعة التسجيل الكامل لوقائع هذا اللقاء بالصوت والصورة من خلال الموقع الإلكتروني لمنتدى الفكر العربي www.atf.org.jo وقناة المنتدى على منصة YouTube.