تداعيات صفقة الاتفاق الصيني – الإيراني – السعودي

د. شهاب المكاحله –

 

الأول نيوز – يبدو أن قرار عودة العلاقات بين طهران والرياض نابع من حرص كل منهما على عدم المضي قدما في توتير المواقف الإقليمية ولقطع الطريق على دول كبرى في لعب دور تأجيجي للصراع السياسي بين العاصمتين الشرق أوسطيتين. ففي زيارة المسؤولين الصينيين إلى المنطقة لمسوا استعداد الدولتين للتوصل إلى إنهاء حالة عدم الاستقرار الإقليمي، ما يدفع بملفات كبيرة إقليميا للحلحلة. فهل ستسمح الدول الكبرى بذلك وإسرائيل بذلك؟

إن عودة العلاقات بينهما يعني الحضور المتزايد للصين في الشرق الأوسط. فهذه الخطوة كانت مهمة بالنسبة لبكين، التي تحاول زيادة نفوذها في منطقة تهيمن عليها بشدة الولايات المتحدة. فالصين تواصل تعزيز وجودها الاقتصادي والعسكري في جميع أنحاء العالم، ويأمل المسؤولون الصينيون في تحقيق تقدم في الانفراجة بين الرياض وطهران للحصول على فوائد اقتصادية وعسكرية يكون للجيش الصيني فيها وجود في منطقة الخليج، وهو ممر مائي استراتيجي رئيس لتدفق النفط.

إذا توسعت اتفاقية التطبيع وأصبحت بيجنج تمسك بزمامها كاملاً، فستكون الصين قد حوّلت أحد الحلفاء الاستراتيجيين الرئيسيين لأميركا بعيداً عن المدار الغربي إلى أحضان التنين، مما يمنح الحكومة الصينية طرقاً جديدة للطاقة الهيدروكربونية لدعم اقتصادها وقواتها البحرية. كما ستسمح الاتفاقية الجديدة للصين بتعزيز علاقاتها مع إيران، ما يساعد طهران على تجاوز العقوبات الدولية وتوفير الموارد لإبقاء النظام على قيد الحياة من التهديدات الداخلية والخارجية.

ثانياً، تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط الذي تمثل في خروج القوات الأميركية من أفغانستان واستمرار الحرب على أوكرانيا، دفع الرياض نحو إعادة العلاقات مع طهران. في هذا السياق، حذر خبراء من أن هذه الاتفاقية هي بمثابة تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط. فمنذ يناير 2020، طالب مسؤولو البيت الأبيض الرئيس الأميركي جو بايدن وأفراد من الجيش الأميركي بتوفير موارد مالية لنقل القوات الأميركية من الشرق الأوسط إلى قواعد أميركية أخرى في إفريقيا وأوروبا وبحر الصين الجنوبي. خلال انتخابات عام 2020، تعهد الرئيس بايدن بنقل القوات من مناطق مثل أفغانستان وتقليل الوجود

العسكري الأميركي. وإذا استمرت الولايات المتحدة في التخلي عن نفوذها ووجودها في الشرق الأوسط، فإن واشنطن ستفقد مصداقيتها في المنطقة.

ثالثاً، نجاح بيجنج في تقريب الرياض وطهران يعد بمثابة خسارة حليف استراتيجي. منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضين ظلت السعودية حليفاً استراتيجياً رئيساً للولايات المتحدة، معتمدة على اقتصادها النفطي وموقعها الاستراتيجي لمراقبة الأنشطة الإرهابية الإسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط ودول الخليج. إذا انفتحت الرياض على بيجنج وسمحت لوجود قوات صينية على أراضيها، فقد تتوقف جميع الامتيازات الاقتصادية والاستراتيجية التي قدمتها المملكة للولايات المتحدة بشكل كامل.

رابعا، أشادت حماس وحزب الله وآخرون باتفاق التطبيع، معتبرين أنه ضربة موجهة ضد واشنطن وتل أبيب. بينما يقول الحوثيون إن اتفاق التطبيع لا يؤثر على أنشطتهم، بل يمثل خطوة لتحريك الولايات المتحدة لشطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية ومعاملتهم بشرعية من خلال اتفاق أممي يفضي الى إعادة اعمار اليمن. ويرى البعض أنه إذا فتحت طهران والرياض اقتصاداتهما وعلاقاتهما الدبلوماسية بقوة، فإن ذلك قد يضر بأي فرصة للتطبيع بين الرياض وتل أبيب.

خامساً، مع أنباء التطبيع بين إيران والسعودية، رد الإسرائيليون بخيبة أمل، وألقوا باللائمة على القيادة الأميركية الحالية وعلاقتها بالرياض والموقف من إيران الذي أدى إلى حدوث مثل هذا الاتفاق. من ناحية ثانية، تأمل إسرائيل في أن يُمنح الجيش الضوء الأخضر لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما قد ينهي الاتفاق ويعيده إلى نقطة الصفر.

يبدو هذا الصيف ساخناً لاعتبارات كثيرة منها الإقليمي والدولي، فهل يصمد الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية؟

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

سندويتشات ذوقان ليوم الجمعة

 د. ذوقان عبيدات – الأول نيوز –   (١) أسئلة التوجيهي تتفاوت اتجاهات الطلبة نحو …