السعودية تفرج عن معتقلي حركة حماس لديها… 

سياسة الامير محمد بن سلمان الابتعاد عن التبعية  لواشنطن..

 

الأول نيوز – الرياض – سليمان نمر * 

 

لم يقتصر عدم الرضا ان لم نقل الغضب الاميركي  – الذي نقله رئيس المخابرات المركزية الاميركبة وليام بيرنز للمسؤولين السعوديين خلال زيارته الاسبوع الماضي – يقتصر فقط على الاتفاق السعودي مع ايران تحت رعاية الصين وتوجه المملكة لاعادة علاقاتها مع دمشق ، بل نقل ايضا غضبها وعدم رضاها على اقدام السلطات السعودية على الافراج (خلال الشهرين الماضيين ) عن مسجوني حركة حماس وعددهم 60 من اعضاء الحركة وممثليها في المملكة – غير الدكتور محمد الخضري ممثل حركة حماس سابقا في السعودية الذي اطلق سراحه وابعد الى عمان  في شهر تشرين الاول اكتوبر الالعام الماضي  

وكان هؤلاء قد اعتقلوا قبل نحو خمس سنوات وحكم عليم بالسجن لسنوات مختلفة بتهمة “دعم الارهاب” 

وقد اطلقت السلطات السعودية سراحهم على دفعات وقبل الاتفاق الايراني السعودي من اجل ان لا يفسر اطلاق سراح هؤلاء جاء بطلب من ايران  وابعد معظمهم الى تركيا وبعضهم الى الاردن حيث انتقل معظمهم بعد ذلك الى غزة . 

واعتقلتهم السلطات السعودية – في اوج عدائها مع حركة الاخوان المسلمين – بطلب اميركي تضمن معلومات حول ارسالهم اموالا بملايين الدولارات الى حركة حماس ، ولوحظ ان السلطات السعودية لم تقبض على اعضاء ومناصرين للحركة لم يكن لهم اي نشاط تمويلي او سياسي في المملكة . 

والغريب في الامر ان حركة حماس لم تعلن او تسرب اي خبر عن الافراج عن معتقليها في السعودية ، رغم انها احتفت في اسطنبول وغزة بالذين افرج عنهم ، ونشرت بابتهاج خبر الافراج عن ممثلها سابقا في السعودية محمد الخضري العام الماضي . 

وهذا الافراج لا يعني ان السعودية ستعيد علاقاتها مع حركة حماس بل يعني ان الرياض اصبحت لا تريد استعداء الحركة عليها ، وفق سياسة اغلاق الملفات العربية العالقة التي للسعودية علاقة بها . 

وقد يكون السعي السعودي لاغلاق الملفات العالقة عربيا هو تمهيد لترؤسها القمة العربية بعد انعقادها في الرياض يوم 19 ايار مايو المقبل ، ويبدو ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان يسعى لان تقود بلاده عالما عربيا ليست لبلاده مشكلة مع اي من دوله . 

والمتداول هنا في الرياض أن محمد بن سلمان لا يكن مشاعر ودية تجاه الولايات المتحدة حتى في ايام الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، الذي احرج ولي العهد السعودي مراراً بتصريحاته “الهوجاء” ومنها انه يجب على المملكة ان تدفع ثمن حماية الولايات المتحدة لها، وما كان من ولي العهد السعودي إلا أن أغدق على الولايات المتحدة صفقات أسلحة بعشرات مليارات الدولارات لأجل إنهاء حرب اليمن. ولكنه وجد ان لواشنطن وللعديد من العواصم الغربية الاخرى مصالح مالية وامنية في استمرار هذه الحرب، حتى ان الاسلحة الاميركية التي يدفع ثمنها مليارات الدولارات لم تستطع ان تحمي اراضي المملكة من الهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ولم تعمل اقمار وطائرات الاستطلاع الاميركية والغربية من وقف تهريب ايران الاسلحة والصواريخ للحوثيين . 

 لذا لجأ ومنذ عامين للتفاوض مع ايران مباشرة بحثا عن حل سياسي للحرب في اليمن اولا وثانيا لابعاد خطرها عن المملكة والخليج  بالتفاهم تحت رعاية وضمانة دولية غير اميركية او اوروبية لذا لجأ للصين لتساعده في ذلك ومعها روسيا، وبالفعل ساعدته بضمان الاتفاق والتوقيع عليه  . 

وما يتداول في الرياض ايضا ان الامير محمد بن سلمان منذ عامين واكثر اخذ يعتمد سياسة الابتعاد عن التبعية السياسية للولايات المتحدة ، دون القطيعة معها ، وهذا ما بدا من الوقوف وراء قرار دول (الاوبيك +) بتقليص حجم انتاجها من النفط مليوني برميل مرتين خلال اقل من عام وهذا ما اغضب واشنطن 

 وبدا الابتعاد السعودي عن واشنطن ايضا ،  باستمرار علاقاتها الجيدة مع موسكو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم المقاطعة الاميركية والغربية لروسيا ولرئيسها له .وكذلك عدم رضوخ السعودية لمطالب الولايات المتحدة بتأييد التحالف الغربي الذي تقوده في الحرب باوكرانيا  

واللطمة الاكبر التي تلقتها واشنطن من الامير بن سلمان كان الاتفاق الايراني السعودي بضمانة الصين ورعايتها ، وجاءت هذه اللطمة في الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة التحالف الغربي ضد روسيا في الحرب باوكرانيا ، وفي الوقت الذي تمارس فيه الادارة الاميركية الضغوط على الصين لمنع اي نقوذ سياسي دولي لها يجعلها قطبا عالميا مع روسيا

وكثير من الديبلوماسيين عرب واجانب يعرفون  ان الامير محمد بن سلمان ليست له مشاعر ودية تجاه الولايات المتحدة لذا بعضهم يفسر  قرار ابعاد الوزير عادل الجبير عن منصبه كوزير للخارجية  قبل عامين واعطائه منصب وزير دولة للشؤون الخارجية – وهو منصب بالعرف الديبلوماسي منصب بروتوكولي  اقل درجة – كدليل على سياسة الامير بن سلمان الابتعاد عن التبعية السياسية لواشنطن ومن المعروف عن الوزير عادل جبير انه من المؤيدين بشدة للولايات المتحدة ولإستمرار العلاقة معها باي ثمن  

ولا شك ان الامير محمد بن سلمان بسياسته الابتعاد عن النفوذ الاميركي وحتى الغربي يدرك ان الولايات المتحدة اصبحت مرتبكة بسياساتها في المنطقة والعالم ، الامر الذي اضعف هيبتها عالميا  

و هذا الابتعاد السعودي عن النفوذ الاميركي به مصلحة لخصوم الولايات المتحدة وهم روسيا والصين وابران ،  وهذا امر بالطبع يغضب الولايات المتحدة  

*كاتب صحفي مختص بالشؤون الخليجبة 

 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المملكة بين ذاكرة التأسيس ومسؤولية الامتداد

الأول نيوز – د. حسين سالم السرحان في مسيرة الدولة الأردنية لم يكن البناء السياسي …