التعليم المهني الجديد…الحصان أمام العربة

الأول نيوز – محمد موسى المرقطن –

 

بدا واضحاً للعيان ما يقوم به وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة من حراك جاد وحثيث على مختلف الجبهات لتحريك المياه الراكدة منذ زمن بعيد في مجال تطوير التعليم بشكل عام والتعليم المهني بشكل خاص، فلم يترك مناسبةً أو منبراً خاصاً أو عاماً إلا واستثمرها، وكان أبرزها “منتدى تواصُل” الذي نظمته باحترافية عالية مؤسسة ولي العهد، فقد كانت الرسالة مباشرة للشباب المشاركين من جميع مناطق المملكة: “التعليم المهني بمساره الجديد استثمار في المستقبل”…كل هذا الجهد المبذول في مسارات التعليم المهني لغايات حشد الجهود الوطنية التي تسعى إلى النهوض بهذا القطاع الحيوي من قطاعات الدولة.
وفي هذا المجال فقد كانت دوافع ومسوغات كبيرة تضغط باتجاه التحول الذي نشهده اليوم من تغييرات بنيوية في صميم المسار المهني، أهمها: ضرورة مواجهة التحديات الوطنية بأساليب مبتكرة واستباقية تمكّن شباب المستقبل من امتلاك المهارات الأساسية بشكل مستفيض ومتقن الأمر الذي يمهد السبيل أمامهم للولوج إلى السوق المحلية بشجاعة وجرأة وثقة.
وثاني هذه الدوافع والمسوغات هو دخول العالم رسمياً في تفاصيل الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على المهارات والرقمنة والذكاء الاصطناعي الذي يتطلب من الفرد أن يواكبها ويطّلع على متطلباتها الرئيسة ويندمج فيها، وهو من أبرز الأهداف العامة التي ينبغي التنبه لها عند التخطيط للمناهج والبرامج التعليمية والتدريبية التي تُعَد للمتعلمين وتربط تعلمهم بواقع حياتهم اليومية والمستقبلية.
وثالث تلكم الدوافع والمسوغات هو طبيعة التعليم المهني الحالي الذي بات ينفصل عن الواقع ولا يتقاطع مع الاستراتيجيات الوطنية التي تُعْنى بالموارد البشرية في أهم جانب من جوانبه المتشعبة وهو الجانب المهاري والعملي الذي جعل المتعلمين بعيدين بشكل واضح عن تحقيق الحد الأدنى من الكفايات المطلوبة بسبب رتابة العملية التعليمية الحالية وعدم مناسبة أدوات التقويم/التقييم واستراتيجياته التقليدية.
ومن قبلُ ومن بعدُ الاهتمام الملكي الواسع من لدن جلالة الملك وسمو ولي العهد في التعليم المهني وضرورة تطويره بما يتناسب مع إمكانيات شبابنا ومتطلبات سوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة من خلال ربطها بمسارات التحديث الإداري والاقتصادي.. والسياسي،أيضاً، التي أطلقتها الدولة بالشراكة مع الفعاليات الوطنية والقطاع الخاص لفتح السوق المحلية والإقليمية أمام العمالة المحلية وإحلالها محل العمالة الوافدة، كخطوة متقدمة للإسهام في حل مشكلة البطالة التي باتت همّا وطنياً وشبحاً يطارد الشباب في ظل شح الموارد ومحدودية مجالات التوظيف.
وهنا نستطيع القول: إن التغييرات البنيوية-التكوينية في شكل ومضامين التعليم المهني ذات المسار الجديد تتأتى من حاجة وطنية ملحّة، وتتماشى مع متطلبات بناء شخصية المتعلمين بعيدة المدى التي باتت لا تعترف بالمعارف المجردة، فقد أصبحت المهارات التطبيقة-التقنية هي الأحصنة المتحفزة التي تجر عربة التعليم نحو التميز والإبداع والابتكار.
كما نستطيع ترجيح نجاعة مثل هذا التوجه الاستراتيجي رغم المتطلبات الكبيرة التي ينبغي توفيرها لتحقيق الأهداف المنشودة، فقد أصبح الحصان أمام العربة بانتظار صعود الملتحقين وأخذ مواقعهم فيها لإطلاق شارة البدء في هذا المسار وصولاً إلى المبتغى والمراد.

عن Alaa

شاهد أيضاً

المملكة بين ذاكرة التأسيس ومسؤولية الامتداد

الأول نيوز – د. حسين سالم السرحان في مسيرة الدولة الأردنية لم يكن البناء السياسي …