75 عاما على النكبة..القيادة البائسة!

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – بينما كانت غزة تلملم أحزانها، وتدفن شهداءها، وتضمد جراح مصابينها، كان الرئيس محمود عباس يستقبل “جعفر العمدة” الفنان المصري محمد رمضان في نيويورك، وزعيم الجهاد الإسلامي زياد نخالة يتلقى في طهران دورة في الربط والضبط العسكري، وقادة حماس إسماعيل هنية وخالد مشعل يتنقلان بين الدوحة واسطنبول ينسقان لحملة أردوغان الانتخابية.

لا نتذكر النكبة ونحن نتجرع مرارتها بعد 75 عاما على وقوعها.

تسكننا النكسة والنكبة والخيبة منذ أن ضاعت فلسطين، وضاعت معها أحلامنا.

حالة النهوض الشعبي والوطني التي تحققت على الأرض منذ عام بعد  جريمة اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة، وارتفعت – في الأيام الماضية بعد معركة “ثأر الأحرار” – معنويات الشعب الفلسطيني وشعوب العالم المؤمنة بالحق الفلسطيني، وأكدت أن كَنْس الاحتلال بات قريبا، وأكبر الإشارات إلى أن دولة الاحتلال مهما تغطرست فإنها إلى زوال حتمي.

لكن تبقى هناك أسئلة محرمة لا بد من الإجابة عليها، أين القيادة الفلسطينية التي تراكم على هذه الانتصارات فعلا سياسيا يحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

كرم الشعب الفلسطيني في تقديم الشهداء  شيء لا يوصف، والملاحم البطولية التي تصنعها أمهات الشهداء في لحظات الوداع تعجز الكلمات والمشاهد المصورة أن تعبر عنها، فماذا يريد العالم أكثر من ذلك، وماذا تريد القيادة البائسة لهذا الشعب أن يفعل أكثر من أن تحمل أم الشهيد إبنها وتتقدم جنازته بمعنويات تهزم قادة “المستعمرة الصهيونية”.

جريمة ما يحدث في غزة والضفة الفلسطينية تتحملها إسرائيل الصهيونية أولا، والخنوع والانقسام الفلسطيني ثانيا والتخاذل العربي ثالثا، والتواطؤ الدُّولي رابعا..

أكثر ما يميز الحالة الفلسطينية حاليًا، ليس الصراع المحتدم بين فتح وحماس للحفاظ على الانقسام وإدامته، ولا غزة التي ينام أكثر من نصف شعبها في العراء والمدارس، ولا فشل سنوات التفاوض الطوال، ولا الاستيطان الذي يقضم ما تبقى من الأرض.. أكثر ما يميزها حالة الهرم التي تعيشها البنادق والقيادات والشعارات.

لقد سبق الشعب الفلسطيني قياداته كثيرا، وما يفعله الشباب في جنين ونابلس ومخيم الجلزون والداخل الفلسطيني المحتل منذ 48  وباقي المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية من أشكال مختلفة من النضال والعمليات النوعية والتطور في التنظيم والاشتباك، على القيادات التأريخية أن تفسح المجال للجيل والعقل الجديدين أن يأخُذا دورهما.

معظم القيادات الفلسطينية التأريخية هرمت، ولا تزال ممسكة بتلابيب السلطة، وعلى رأس المؤسسات والفصائل التي تمثلها، مع أن أجيالًا كثيرةً من قيادات الصف الثاني، هرمت أيضًا قبل أن تُمنح فرصة القيادة الأولى.

القيادات الفلسطينية، التي غزا الشيب رؤوسها، وهرِمت أفكارها في السنوات الأخيرة، عليها أن تتخلى وتغادر ليحمل رايات الجهاد والقيادة شباب لم يعرفوا المهادنة ولا الخنوع والخضوع، بل هم خناجر في أعناق الصهاينة يضيؤون كل يوم بل كل ساعة شموع التحرير والنصر القريب وهزيمة الصهاينة.

 العلامة الفارقة لدى المُحْبَطين، والمطبعين والمنسقين الأمنيين مع الصهاينة، هي أن أحلامهم وطموحاتهم تتراجع، وتتوسع حلقات خنوعهم، لكن ما يتفق عليه عموم الشعب الفلسطيني  أنهم  يستحقون قيادة أفضل بكثير من التي تتزعمه حاليًا.

قيادة جديدة، تسير به إلى محطة الأمان التي يفتقدها بفعل الاحتراب الداخلي، واليأس والإحباط اللذين أصابا قلوب وعقول القيادات الهرمة، ولْيُترك للجيل الجديد أن يأخذ فرصته في الإسهام بإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، من دون وصاية الإنهزاميين، وأصحاب الصوت العالي فقط.

حتى الآن، وبعد كل هذه السنوات من الانقسام، لا يقر الفصيلان (فتح وحماس) بمسؤولية كل منهما عن فشل إتمام المصالحة، لا بل ويدعي كل طرف أن الآخر هو من يعطل المصالحة.

الانقسام الفلسطيني السبب الأول والوحيد في تراجع الدعم المعنوي للحق الفلسطيني، وضياع دماء الشهداء هدرا.

الدايم الله…

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

أسبوع حكومي مشوش.. وَلِّدْها يا حسان..

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – قد يكون الأسبوع الماضي هو الأسخن على حكومة …