الخميس , أبريل 18 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

مهرجان الفحيص.. و”العودة إلى الجذور” !

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – قبل أسبوع شاهدت توقيع اتفاقية توأمة في نادي شباب الفحيص بين مهرجان الفحيص (الأردن تأريخ وحضارة) والمهرجان الأردني الفلسطيني في أميركا (العودة إلى الجذور).

لفت نظري كثيرا شعار المهرجان الأردني الفلسطيني في أميركا (العودة إلى الجذور) والطريقة التي يتحدث مدير المهرجان عماد فرحان صويص (ابن الفحيص) عن أهدافه.

وقد شعرت أن هذا الشعار يتناسب إبداعيا مع مهرجان الفحيص بعد 33 عاما على إقامته.

هذه دعوة لنقاش عام وجاد، فمنذ سنوات والنشطاء في الفحيص يتداولون أفكارا جديدة خاصة بمستقبل المهرجان، وهل ستكون  إقامته مثلما جرت الأمور في الأعوام السابقة، ومن سيضمن تحقيق استمراريته.

لدينا في الفحيص تجربة فنية وثقافية فريدة، ففي عام 1979 تأسست فرقة الفحيص لإحياء التراث من مجموعة من أبناء وبنات مدينة الفحيص، في محاولة جادة لإحياء التراث الموسيقي والغنائي العربي العام، وقد فرضت الفرقة إيقاعها الفريد في الساحة الفنية الأردنية والعربية لسنوات طوال، لكن لفقدان المؤسسية خسرنا مشروعا فنيا وثقافيا كانت له ولا تزال بصمات في الحركة الثقافية والفنية الأردنية،

لهذا نعمل هذه الأيام لإعادة مهرجان الفحيص إلى الجذور التي خرج منها  مشروعه، واستمراره، والحفاظ على شعاره الأساس (الأردن تأريخ وحضارة ).

نعرف أن صناع الفرح في بلادنا قليلون، وحراس سنابل القمح من لهيب تموز نادرون، فثمة أشياء ولّادة بالفرح،  دعمها واجب، والبعد عنها ترك للحبيبة فريسة للغرباء وقطاع الطرق.

مهرجان الفحيص “الأردن تأريخ وحضارة” ليس فِعْلًا شبابِيًا نادَويًا، ولا أياما لإقامة حفلات فنية أو ندوات متخصصة، ولا احتفاء بشخصيات وطنية ومدن أردنية وعربية.. إنه مزج حقيقي بين كل ما هو حقيقي في بلادنا وما هو مزيف.

فقبل 33 عاما، التقت نخبة من شباب الفحيص في أهم مؤسسة احتضنت أنشطة المدينة آنذاك هي نادي شباب الفحيص. وبعد أن غادرت البلاد حقبة الأحكام العرفية، فكروا بإقامة مواسم فرح وعشق، وتوصلوا إلى أن الفن والثقافة الحقيقيَّين لا بد أن يكون منبعُهما التأريخ الذي يصل الأمم بالحضارة، فاختاروا شعار المهرجان “الأردن تأريخ وحضارة”. واستمر هذا الشعار مع المهرجان من سنته الأولى.

كانت الفكرة صعبة في البداية، لكن التصميم الذي يمتاز به “صبيان الحصان”، وهو الاسم المحبب لكل أهالي الفحيص، هو الذي أنشأ الفكرة عظما وكساها لحما، وكان المهرجان في سنته الأولى كرنفال فرح شارك فيه أهالي الفحيص كلهم، خاصة السكان حول موقع المهرجان في البلدة القديمة.

كبر المهرجان، وأصبح منافسا لمهرجان جرش، وثبت ذلك جليا في مهرجان العام الماضي، وتوالدت بعد ذلك المهرجانات في أكثر من مدينة أردنية لكنها اختفت ولم تعد موجودة، وتجاوز مهرجان الفحيص في نسخته الثلاثين ، فقد اختار من الفنانين العرب المطربين الأكثر جماهيرية، واختلطت الثقافة مع الفن والإبداع والأعمال المميزة الأخرى، فتوسّعت خطط المهرجان، وأصبح حملا سنويا على عاتق شباب الفحيص، ومن مسؤولية إدارة نادي الفحيص.

بعد هذه السنوات الثلاثين، وبعد أن راكم المهرجان خبرات مبدعة لدى الشباب في إدارة المهرجانات، وبعد أن أصبح توثيق أعمال المهرجان ومتابعته يحتاجان إلى جهد أكبر من جهد مؤسسة واحدة، بدأ الحالمون في ديمومة المهرجان والخائفون عليه من تقلبات الأوضاع المجتمعية يطرحون إيجاد مؤسسة ترعى المهرجان، وتشرف عليه سنوياً، وتفكر طيلة العام في تعزيز فعالياته وحماية أهدافه.

فكرة مأسسة المهرجان ليست جديدة، وتطرح كل عام قبل أيام من بدء المهرجان، وتكثر الأفكار حولها خلال أيام المهرجان، لكن حتى الآن لم يتم وضع تصور واضح لهذه المأسسة وعلاقتها مع إدارة المهرجان، ممثلة في نادي شباب الفحيص.

لعل أهم ما يميز مهرجان الفحيص أنه اعتمد منذ اليوم الأول على جهود ذاتية وعلى أهالي الفحيص ومحبي المهرجان، لكن هذا أصبح حملاً ثقيلاً على الجميع، وحماية الثقافة الجادة والفن الملتزم تحتاج إلى جهود الجميع، فلا يجوز أن يبدأ المهرجان كل عام من نقطة الصفر ومن موازنة تعتمد على جهود الخيّرين ودعم المؤسسات الشعبية والرسمية، وهي مهما كان حجمها لا تعادل الجهد والسهر ولحظة الإبداع عندما يتم إيقاد شعلة المهرجان.

منذ سنوات والمهرجان يثير حواراً وجدلاً دائمين بين أهل الفحيص حول مضامين الفعاليات، وهذا الجدل ظاهرة صحية ودليل حرص على سوية المهرجان.

الآن هناك فريق واسع من الفحيصيين ومحبي الفن والثقافة يتطلعون إلى الارتقاء بوضع المهرجان في الاتجاه الذي يسمح بتوثيق فعالياته ومراكمة الخبرات، وهذا يتطلب بناء مؤسسة تكون حاضنة له حتى يتم الانفكاك من حالة الاندفاع العاطفي التي تأخذ شكل “الفزعة” لإنجاح المهرجان، والانتقال إلى بناء مؤسسة خاصة به تراعي بطبيعة الحال أدوار مختلف المؤسسات، وفي مقدمتها نادي شباب الفحيص، لكن من المهم أن يتكرس المهرجان كمؤسسة، ولا يخضع لتقلبات من أي نوع كانت.

“العودة إلى الجذور” الخطوة الأولى على طريق الاصلاح والديمومة..

الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

فيديوهات شُغل الصهاينة..إحذروا!

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – فيديوهات شُغل الصهاينة، واضحة ومكشوفة، يتم توزيعها في …