حركة سياسية ملعوبَة.. مروان البرغوثي قادم!

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – حركة سياسية ملعوبة، وفيها عمق استراتيجي، وقراءة في مستقبل الأيام على صعيد الموضوع الفلسطيني، فالخبر الذي بثته وزارة الخارجية على غير عادتها في الأخبار غير الرسمية، مع صورة لوزير الخارجية أيمن الصفدي وضيفته التي استقبلها في مبنى الوزارة الأربعاء السيدة فدوى البرغوثي، زوجة الأسير الفلسطيني والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، فيه من الخيال السياسي الكثير.

البرغوثي “ثمّنت الجهود الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني لدعم الشعب الفلسطيني ومساعدته للحصول على حقوقه كاملة، وتثبيته في أرضه. وأكدت أهمية الوصاية الهاشمية التأريخية في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية هُويتها العربية الإسلامية والمسيحية”.

مؤشرات كثيرة بدأت تتوقع مشاهد لمرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والإعلام الإسرائيلي مُنشغلٌ كثيرا في الحديث “عمّن سيخلف الرئيس…” ولهذا الانشغال أسباب عديدة، أبرزها سببان:

الأول؛ هم يعرفون جيدا أن محمود عباس يقترب من عمر التسعين، ووضعه الصحي غير مستقر، وغيابه قد يعطل المشروعات المطروحة.

وثانيا؛ يريد الإعلام الإسرائيلي ومن ورائه الدولة العبرية، أن يشاركا فعلا في صناعة زعامات جديدة للشعب الفلسطيني بعيدا عن الهيئات والمؤسسات والشعب الفلسطيني.

يطرح الإعلام الإسرائيلي ثلاثة أسماء لوراثة زعامة عباس، أبرزهم مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2002 والمحكوم بعدة مؤبدات، والضمير الحي لحركة فتح منذ الانتفاضة الأولى، بعد أن فقدت الحركة الرموز التأريخية، برغم أن المؤتمر الأخير للحركة جرّد البرغوثي من صلاحياته ودوره القيادي.

والثاني جبريل الرجوب، رجل الأمن في السلطة الفلسطينية، وحاكم الضفة الغربية في زمن المرحوم ياسر عرفات، عندما كان الأمن الوقائي يصول ويجول في الضفة، والذي ابتعد في الفترة الأخيرة عن العمل السياسي المباشر، واختار الرياضة والتجارة، وانطفأ وهج علاقاته بالأجهزة الأمنية بعد ابتعاده عنها، وهو شخصية ليست قريبة من قلوب الفلسطينيين.

والثالث، محمد دحلان، رجل أمن غزة القوي الذي سقط خلال ساعات أمام قوات حماس في حركة الانقلاب العسكري، والمتهم بمحاولة الانقلاب على شرعية عرفات، وبعد ذلك على عباس، وصاحب فضائح كثيرة وأشكالها متعددة، حتى قرار فصله من فتح، كان أيضا فضيحة أخرى للمؤسسة الفلسطينية، ولحركة فتح تحديدا، وشعبيا عليه مئات علامات الاستفهام.

في الفترة الأخيرة، ارتفعت أسهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إلا أنها هبطت في الفترة الأخيرة، ويبدو أن الصراع داخل حركة فتح قد حدّ من طموحات الشيخ، ومن كل من يحاول أن يرفع أسهمه الرئيس عباس.

يبقى البرغوثي الذي يقبع في سجون الاحتلال رافعة قوية لتقوية حركة فتح في مواجهة حركة حماس إذا حصلت الانتخابات، وشخصية فيها من الكاريزما المحببة عند الشعب الفلسطيني.

كلما تم تضييق الخيارات في وجه الفلسطينيين، بعد الشلل الذي أصاب السلطة من جراء انسداد أفق التسوية، وتهديدات محمود عباس بحلها، وبقاء غزة في سجنها الكبير، ترتفع أسهم القيادي مروان البرغوثي، الذي يصفه الفلسطينيون بأنه “نابليون فلسطين”، نسبة إلى قِصَر قامته، وذكائه السياسي الحاد وطموحه الكبير، شارك في كثير من مؤتمرات السلام التي انعقدت بين أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ونظرائهم الإسرائيليين، بعد اتفاقات أوسلو التي سمحت له بالعودة بعد أن كان مبعدا إلى الأردن، حيث أمضى فيها سبع سنوات حتى عام 1994.

اشتهر البرغوثي بقوله: إن الفلسطينيين “جرّبوا سبع سنوات من الانتفاضة بلا مفاوضات، ثم جرّبوا سبع سنوات من المفاوضات بلا انتفاضة، وربما عليهم أن يجربوا الاثنتين معا”، كما أكد أكثر من مرة أنه يعارض قتل المدنيين الإسرائيليين، لكنه يرفض إلقاء السلاح من جانب واحد.

البرغوثي الذي يتمتع بشعبية لا مثيل لها في الأراضي الفلسطينية، كان قد فاز بعضوية المجلس التشريعي للمرة الثانية وهو داخل السجن، وألغى ترشحه لانتخابات الرئاسة الفلسطينية حفاظا على الوحدة، برغم أن استطلاعات الرأي كانت تصب في مصلحته.

كما لعب دورا محوريا، من سجنه، لتوحيد الفصائل الفلسطينية في عام 2006، ويحج إليه مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون للحصول على دعمه لمبادراتهم السياسية بسبب شعبيته الطاغية في الأوساط الفلسطينية.

كلما يضيق الخناق على الفلسطينيين أكثر، يتوسع الحديث عن تأييد حكومات أوروبية وعربية لإطلاق سراح البرغوثي ليسهم في توحيد الفلسطينيين، وينهي حالة الانقسام بين فتح وحماس، وبين الضفة وغزة.

لقد ملّ الفلسطينيون والعرب والعالم مظاهر الانشقاق الفلسطيني، وبات الانقسام أمرا يُعطّل كل شيء، ويتحمل جزءا من مسؤولية انغلاق أفق التسوية، كما يتحمل المسؤولية عن حالة اليأس التي يعيشها الفلسطينيون.

الزعيم نيلسون مانديلا فاز برئاسة جنوب أفريقيا وهو قابع في سجنه، فهل سيكون مروان البرغوثي زعيما ورمزا للفلسطينيين من سجنه أيضا.

والدايم الله…

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية 40 قرشا

الأول نيوز – ارتفع سعر بيع غرام الذهب عيار 21 محليا، الثلاثاء، 40 قرشا مقارنة …