سارة طالب السهيل –
الأول نيوز – في هذا العصر الذي انتشرت به كل انواع الرذائل وبشكل ملفت ومقزز جعلنا نتسائل عن الأسباب لكثرة الجرائم والقتل والتصرفات غير الاخلاقية بل غير المنطقية
نبحث عن الأسباب ؟
من المؤكد انها عدة اسباب وليس سبب واحد
فكل يوم نسمع أم قتلت بناتها ، رجل قتل زوجته ، شاب قتل زميلته في الجامعة ، مراهق ذبح امه
اخبار لم تكن منتشرة بالسابق إلى هذا الحد ، بل كانت نادرة و شبه منعدمة
وان تنوعت اسباب الجريمة وتغيرت سلوكيات المجتمع الا ان هناك عامل مهم لا نستطيع التغافل عنه ابدا الا و هو التعاطي او الإدمان
وكما نعلم ان انواع المخدرات كثيرة جدا و تأني بأشكال مختلفه من حبوب و شم و سائل و ابر و تصل حتى لانواع موسيقى و حبوب هلوسه و كريستال ومخدرات الكترونية ولكن لنتفق ان نسمي جميعها مخدرات
فقضية الإدمان والمخدرات تعتبر قضية حيوية ومهمة و خاصة لو نظرنا اليها من زاوية المستقبل
و ان لم يتم القضاء عليها و محاربتها ما هو السيناريو المتوقع للحصول في اي بلد على كوكب الارض لو تفشت المخدرات و انتشرت بشكل اكبر و اكثر
إذا انتشرت المخدرات في المجتمع، فإن الآثار السلبية ستكون واضحة ومدمرة. على جوانب مختلفة في الحياة اليومية الخاصة و العامة، بدءًا من الصحة العامة للمواطنين الافراد و الجماعات والأمن القومي و الوطني و الامن الشخصي والسلامة العامة وصولاً إلى الاقتصاد والتنمية الاجتماعية.
فتأثير المخدرات على الصحة العامة امر لا يحتاج لنقاش و لو استمر الادمان بالانتشار ستشهد الأمراض المرتبطة بالمخدرات والإدمان زيادة في الانتشار بشكل موازي ، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء على النظام الصحي و سيكون اغلبها أمراض مزمنة ومشاكل نفسية و عصبية والاضطرابات العقلية اضافة لمشاكل سوء التغذية و ضعف السمع و النظر و العقم .
اما على صعيد الأمن و انتشار الجريمة فالمؤكد زيادة في مستويات الجريمة والعنف و القتل و العنف الأسري و استخدام السلاح و الادوات الحادة و سترتفع معدلات السرقة والتهريب و الخارجين عن القانون و المخربين و المهددين للأمن السياسي و الاستقرار والتجارة غير القانونية، وكل هذا ما هو الا فوضى و زيادة حوادث و جرائم و صراعات بين افراد المجتمع فيما بينهم وبين المجتمع و الحكومة و الاجهزة الامنية وذلك لزيادة نشاط الجريمة المنظمة المرتبطة بتجارة المخدرات و شبكات تهريب المخدرات وتجارة غير قانونية وتفاعلات عنيفة مع السلطات.
ويزداد الصراع بين المدمنين والعصابات المتنافسة، مما يؤثر على الأمان العام ويزيد من التوتر والقلق بين الناس.
كما ان المخدرات ستحدث تراجعًا كبيرا في مجالات التعليم و التقدم على الصعيد العقلي و الفكري لانها حتما تؤثر سلبًا على القدرات العقلية والجسدية للأفراد، مما يؤثر على تحصيلهم العلمي وقدراتهم العملية في الدراسة و المهنه و الوظيفة و فرص التوظيف فيتأثر أداء الطلاب والعاملين بشكل سلبي، مما يقلل من إنتاجية المجتمع ويقيد فرص التطور والتقدم الاقتصادي و الفكري و الثقافي .
ومن الناحية الاقتصادية بشكل كبير والتنمية الاجتماعية ايضا قد يزيد الإدمان من التكاليف الصحية والعلاجية، ويقلل من الإنتاجية العامة للعمالة اضافة لزيادة البطالة وتدهور البنية التحتية و دمار المشاريع التنموية ، مما يعوق التنمية الاجتماعية والاقتصادية فالمدمن ليس صاحي و لا يعي واجباته و هو بالتالي غير مسؤول بل و غير منتج وستزيد تكاليف العلاج والإصلاحات الاجتماعية و تشكل عبئا ثقيلا على الافراد و الدولة.
كما ان المدمن لا يمكن ان يكون ضمن اسرة طبيعية فهو اما ينعزل و يبتعد عنهم ويهملهم ويعيش اما في بيت مستقل او في مستشفى علاجي اذا كان تحت العلاج.
اما ان بقي بين اسرته سواء كان اعزب او متزوج سيكون عبئا على الأسرة بأكملها كما انه سيكون فردا صعب المراس متقلب المزاج يتعامل بعنف و لا يستطيع القيام بدوره في البيت و لا مسؤولياته فانتشار المخدرات والإدمان له تأثير كارثي على الحياة الاجتماعية والأسرية. قد تتفكك الأسر وتتدهور العلاقات الاجتماعية بسبب تأثير المخدرات على السلوك والصحة العقلية للأفراد، وينخفض مستوى الثقة والتعاون في المجتمع،و العلاقات العامة و تبادل الواجبات وتفكك الأسر وتدهور العلاقات الاجتماعية، مما يؤثر على القيم والمبادئ الأساسية للمجتمع و نواة الاسرة و بذرة المجتمع.
زيادة في حالات الإدمان يعني زيادة في الطلب على العلاج والدعم للمدمنين وأسرهم مما يكبد الدولة خسائر مادية و معنوية و جهد و وقت وتعب كان من الممكن ان يستثمر في اي مشروع تنموي يفيد المجتمع
حتى في حالات الوفاة نتيجة لتعاطي المخدرات، سواء بسبب جرعات زائدة أو تأثيرات جانبية خطيرة للمخدرات. هذا يؤثر على الأسر والمجتمع بشكل عام ويزيد من العبء على الخدمات الصحية والطوارئ و يسبب متاعب نفسيه و اسرية لذوي المدمن لشعورهم بالتقصير او الذنب.
تدهور البنية التحتية والخدمات العامة: قد يؤدي انتشار التعاطي إلى تدهور البنية التحتية والخدمات العامة. يمكن أن يتأثر قطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية والنقل والبنية التحتية بشكل سلبي، حيث يتم تحويل الموارد والجهود لمكافحة المخدرات وتقديم الدعم للمدمنين.
كما ان التنمية الاجتماعية و البشرية تتاثر بشكل مباشر مع استمرار ازمة الادمان و بالتالي سينخفض مستوى التعليم والتدريب مما يقلل فرص التطور وتقدم المجتمع..
اذا انتهينا من تصور المستقبل مع الادمان و شعرنا بالاحباط فأول ما يجب ان نفكر به هو الوقاية خير من العلاج او بالأحرى العلاج في بداية المرض افضل بكثير من العلاج وقت استفحاله و انتشاره
و من هنا يجب علينا جميعا التصدي لهذه الظاهرة الباطلة عن طريق التوعية والتثقيف من خلال تعزيز الوعي بالمخاطر الصحية والاجتماعية لتعاطي المخدرات، في المدارس و الجامعات و الجوامع و المكتبات و دور الثقافة و وسائل الاعلام المختلفة وتوفير المعلومات الدقيقة حول التأثيرات الضارة للمخدرات،و عرض التجارب و المشاكل و النتائج لمثل هذه الحالات حتى يتمكن الناس من اتخاذ قرارات أفضل وأكثر وعيًا بعيدا عن الادمان .
كما يجب سن القوانين والانظمة والتشريعات والسياسات التي تمنع و تكافح المخدرات بانواعها فالإطار التشريعي يلعب دورًا حاسمًا في مكافحة المخدرات كرادع يخيف التاجر و المتعاطي من الاستمرار في هذا الطريق . وتشدد العقوبات على المروجين والمهربين، وتوفر برامج العلاج والإنقاذ للمدمنين. من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو التوازن بين القمع والعلاج، وتقديم الدعم للأفراد الذين يعانون من إدمان المخدرات و توفير العلاج الجسدي و النفسي حتى الشفاء التام و المراقبة لمدة غير بسيطة خوفا من ضعف المريض و عودته الى تعاطي المخدرات و خاصة في ضل اجراء تساعد على الادمان و التعاطي و الانحراف بما ذلك اصحاب السوء و رفاق التعاطي و التجار و اصحاب المصالح
كما يمكننا استخدام التكنولوجيا والابتكار في مكافحة المخدرات في المستقبل. على سبيل المثال، يمكن تطوير تقنيات جديدة لاكتشاف واحتجاز المخدرات في المطارات والموانئ، وتطبيقات الهواتف الذكية لتقديم المعلومات والدعم للأشخاص الذين يحاولون الاقلاع عن المخدرات، ومنصات
وتطوير تطبيقات الهواتف الذكية لتتبع ومراقبة تناول المخدرات وتقديم نصائح وإرشادات للمستخدمين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التكنولوجيا في تحليل البيانات والاستخبارات للتعرف على أنماط استخدام المخدرات وتوجيه الجهود والموارد بشكل أكثر فعالية.
و يحتاج هدا الامر عامة و مكافحة المخدرات بشكل خاص تعاونا دوليا كونها قضية عالمية فيجب تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول في مجال مكافحة المخدرات، من خلال تبادل المعلومات والخبرات والأفضليات والتعاون في تعزيز القدرات وتدريب الكوادر العاملة في هذا المجال.
ولا ننسى البحث العلمي للوصول الى المشكلة و تاثيراتها، وتطوير أساليب جديدة لعلاج الإدمان والتعافي. يمكن أن يساهم البحث في تحسين البرامج العلاجية وتطوير أدوية فعالة للحد من الرغبة في تعاطي المخدرات.
من المهم أن نتذكر أن مكافحة المخدرات تتطلب جهودًا متعددة المستويات، بدءًا من التوعية الشاملة والتثقيف، وصولاً إلى السياسات الفعالة والتشريعات القوية، والتعاون الدولي والابتكار التكنولوجي، والتركيز على البحث العلمي. من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن أن نأمل في مستقبل أفضل وأكثر خلو من المخدرات.