السبت , يوليو 27 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

جوع المعدة وجوع المشاعر

قمر النابلسي –

 

الأول نيوز – قد يتقبل الانسان فكرة الفقر على أنها أرزاق من الله , فيتعايش معها وقد تتغير الأحوال , وجوع المعدة يسده رغيف حتى لو تأخر قليلاً فأمره يسير , أما الجوع للاهتمام , والفقر إلى المشاعر والأحاسيس فلا يعوضه شيء ويورث الألم والجفاء .

الفقر الأول يمكن التعايش معه فلا قدرة لك على تغيره , أما الفقر الثاني والذي لا يمكن التعايش معه هو فقر الأحاسيس وأنت المسؤول عنه , هو بخل المشاعر وهو أكثر أنواع البخل قسوة وايذاءً, ولا يتغير الحال ولا يسد رمق جائع الأحاسيس إذا قدم في غير وقته , فالفقر الحقيقي أن لا تعطي من حولك الحب والاهتمام ,أن تبخل بما تستطيع تقديمه, ذلك فقر القلب, أن تعتقد أن إحضار الطعام يغني عن وضع اللقمة في فم زوجتك ,وتلبية احتياجات أولادك كافٍ من غير ضمُّهم إلى صدرك , أن تحضّري الطعام لزوجك دون أن تستقبيله بابتسامة , وأن تقدمي لأولادك كل الرعاية دون أن تشعريهم بالحب .

كل شأن من شؤون حياتنا يخلو من المشاعر والمحبة يحولنا إلى روبوتات , يقول الأديب الروسي تشيكوف وكان في عز مجده وثروته : إنني لأتنازل راضياً عن نصف مجدي وشهرتي لإمرأة يساورها القلق إذا تأخرت عن موعد عشائي دقائق .

الاهتمام مطلب إنساني أصيل يقوي أواصر الحب ,الحب الذي يحول اللقمة من فم زوجتك إلى قلبها فتصبح غذاءّ للروح , ولعل هذا الفقر والبخل في المشاعر هو ما أدى إلى الطلاق العاطفي في كثير من البيوت ,بل إلى الطلاق الفعلي , وإلى تفكك الأسر وإلى علاقات متوترة بين الآباء والأبناء , نتنبه إلى ذلك غالباً بعد أن نخسر شخص قريباً بالموت أو بالرحيل .

ربما يقول قائل أن الحياة صعبة ومتطلباتها كثيرة , وكل الوقت لا يكفي للركض وراء لقمة العيش وتلبية مطالب أسرة , فأقول أن هذه الأشياء الصغيرة أشياء بالمجان لا تتطلب جهداً ولا تكلّف ديناراً وهي التي تجعل للحياة معنى ,الابتسامة ,الكلمة الرقيقة , جبر الخواطر ,التعاطف, تحافظ على العلاقة وتجنبها الفشل ,هي التي تخفف عنك ضغوطات وقسوة الحياة وتعطيك القدرة على تجاوز الأزمات , تجعلك تشعر أنك انسان ,فاستمرار العلاقات يحتاج بعض الحب والاهتمام ومساحة من الثقة .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

السمعة المالية والعمل الحزبي والانتخابات

د. حسين سالم السرحان –   الأول نيوز – تستمد السمعة أهميتها من الانطباع العام …