محمد قاسم عابورة –
الأول نيوز – يعتبر الأردن رغم قلة الموارد ومحدودية الإمكانات نموذجا ومثالا ناجحا ويحتذى لحملات التطعيم ضد الأمراض والأوبئة ، وقد أظهر الأردن استراتيجيات فعالة في هذا الصدد ، حيث ألتزمت الحكومات الأردنية المتعاقبة التزاماً قوياً بالصحة العامة ، وعلى رأسها برامج وحملات التطعيم ضد الأوبئة ، وحقق الأردن تاريخيا معدلات تغطية تطعيم عالية للعديد من الأمراض ، بما في ذلك لقاحات الأطفال مثل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وشلل الأطفال ، وتساعد معدلات التغطية المرتفعة لحملات التطعيم على الحد من خطر تفشي الأمراض والأوبئة .
لقد كانت حملات التطعيم في الأردن من أكثر الحملات نجاحا و تأثيرا على الصحة العامة ، و أثبت ألأردن قدرته على الاستجابة بفعالية لحالات الطوارئ الصحية ، بما في ذلك حملات التطعيم أثناء الأزمات أو الأوبئة ، وتميز بسرعة اتخاذ التدابير للسيطرة على انتشار المرض ، والمبادرة الى إنشاء مراكز تطعيم في جميع أنحاء البلاد لضمان حصول الأشخاص من جميع المناطق على اللقاحات ، و كذلك يتعاون الأردن مع المنظمات الدولية ، مثل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، لتعزيز برامج التطعيم ، وهذا ساعد الأردن على ضمان الإمداد المستمر باللقاحات وسرعة الحصول عليها ، وتوفير الدعم الفني .
إن الحصبة مرض فيروسي معدي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ والوفاة ، ويوفر التطعيم ضد الحصبة مناعة طويلة الأمد، مما يقلل من خطر الإصابة بالحصبة لدى الأفراد طوال حياتهم ، وعلاوة على ذلك، فإنه يساهم في تحسين مستويات الصحة العامة ،، وهذه الحملات تحد وتمنع تفشي المرض وانتشاره كوباء يحصد الأرواح ، ويشكل حماية للأشخاص الأكثر ضعفًا، مثل الرضع والأطفال والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
لقد كثر اللغط والقيل والقال حول الحملة الوطنية للتطعيم ، ويعرب بعض الأفراد عن شكوكهم بشأن اللقاحات بسبب المعلومات الخاطئة أو الخوف ، وذهب خيال البعض الى نسج وتركيب سيناريوهات هوليودية عن مؤامرة تحاك لزرع جينات لتشويه هذا الجيل من ابنائنا او القضاء عليه ، والعتب هنا على من يصدق هذه الخزعبلات او يساق خلفها أو يرددها .
وهنا تقع المسؤولية على الحكومة وهيئات ومؤسسات الرعاية الصحية المختصة ، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب المشاركة الجادة والمسؤولة في حملات توعية مفتوحة وقائمة على الأدلة والوثائق وتوفير معلومات دقيقة حول فوائد التطعيم ، للتصدي للحملات المشككة والمغرضة لتشويه الأهداف النبيلة للحملة الوطنية للتطعيم ، وهنا من الضروري أن نؤكد أن جميع اللقاحات التي تستخدم على نطاق عالمي مثل لقاح MR تخضع لاختبارات مكثفة في التجارب السريرية ، وتقوم الوكالات الدولية والمنظمات الصحية بمراقبة سلامة اللقاحات عن كثب ، وقد تم التأكد من الخبراء والهيئات الدولية والمحلية بان هذه اللقاحات آمنة وفعالة.
إن تحقيق الحملة الوطنية للتطعيم لمستويات عالية من النجاح ، وتغطية الفئات المستهدفة للتطعيم ليس خيارًا شخصيًا فحسب ، بل هو أيضًا مسؤولية جماعية ، ومسؤولية وطنية ، ويعتمد نجاح حملة التطعيم على المشاركة المجتمعية الواسعة والواعية ، فعندما تنخفض معدلات التطعيم ، فبالتأكيد وحتما ستعود الحصبة إلى الظهور كوباء مستشري ، ندفع ثمنه غاليا من ارواح ابنائنا وأحفادنا .. لنتوقف عن التشكيك ، لنتوقف عن تشويه كل ما هو جميل في هذا الوطن ، ومعا نعمل من أجل أردن تصبح فيه الأوبئة شيئًا من الماضي ، وتكون مجتمعاتنا أكثر صحة وأمانًا للجميع .