ما بعد “طوفان الاقصى”..

أسامة الرنتيسي –

 

الأول نيوز – كأننا في حلم؛ ما فعله الفلسطينيون فجر 7 تشرين المجيد، من إذلال للجيش الذي لا يقهر، لا يقل أهمية عن هزيمة الصهاينة ونصر 6 أكتوبر (تشرين) 1973، عندما تمرغت أنوف العدو الصهيوني وتم تدمير خط برليف.

ما فعله الفلسطينيون ليس فعل مقاومة  فحسب على ممارسات “إسرائيل” العدوانية، بل هو خط التحرير الأول للأرض المحتلة، فالذي شاهد قطعان المستوطنين يهربون من مستوطناتهم يكتشف أن هؤلاء إلى زوال وأنهم لن يصمدوا في الأرض الفلسطينية طويلا.

لأول مرة منذ النكبة، لا يدافع الفلسطينيون عن أرضهم، بل كانوا المباغتين لمحتلي الأرض  بعد أن وصلوا من الغرور والغطرسة بأن شعروا أن مفاتيح الدنيا في أياديهم، وأنهم قد أحكموا القبضة على الأرض والعِرض والإنسان.

في هذه المواجهة غير المسبوقة، أسقطت المقاومة الفلسطينية في “طوفان الأقصى” معادلات وحسابات كثيرة، فما قبل “طوفان الأقصى” ليس كما بعده.

أسقطت المواجهة وهم المخابرات والاستخبارات الإسرائيلية بعد فشل منقطع النظير في الاختراق الأمني الكبير الذي نجحت به المقاومة الفلسطينية، فدخلت الأرض المحتلة برا وجوا بكل الوسائل، “فدخل السبت في …اليهودي”، وعلى هذا فلينتظروا الأيام المقبلة.

شطبت عملية “طوفان الأقصى” كل محاولات التطبيع والترحيب العربية مع الكيان المحتل  في مشروعات مشبوهة، تعمل على تغيير بوصلة الصراع، وكأن الفلسطينيين على هامش القضية، وليسوا في قلبها ومحركها الأول والأخير.

أنهت العملية البطولية المستمرة نظام الردع الذي كانت تمارسه قوات الكيان المحتل ضد الشعب الفلسطيني، فبعد أن دمرت طائرات العدو الصهيوني أكبر مجمعات غزة السكنية “مجمع فلسطين” الذي يحتوي على 100 شقة سكنية، أمطرت المقاومة تل ابيب بـ 150 صاروخا معظمها وصل إلى أهدافه المحددة.

منذ الصباح تعترف دولة الاحتلال بعدد قتلاهم فبدأت بـ 22 قتيلا، ووصلت ليلا إلى 250 قتيلا، ومن الواضح أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، وقد يصل إلى 650 قتيلا، في أكبر خسارة بشرية يتعرض لها الكيان منذ “هندسة قيامه”.

دول العالم الذي لم تتغير يوما هُوية ضميرها المنحازة لدولة الكيان الصهيوني، أعلنت فورا تضامنها مع دولة الاحتلال، وأمطرت الولايات المتحدة الأميركية على شكل مساعدات عاجلة وطارئة دولة الاحتلال بـ 8 مليارات دولار، أما عربنا العاربة فحتى بالخطابات المساندة لم تمطر شعبنا الفلسطيني، بل أمطرته ببيانات هزيلة وخجولة، تركزت معظمها على ضرورة وقف التصعيد، ولا ندري حقا أن وقف التصعيد هو لمصلحة الشعب الفلسطيني الذي استيقظ فجرا على نصر عظيم ورد على الكيان باللغة التي لا يفهم غيرها، أم لمصلحة الكيان الإسرائيلي المنهزم والمهزوز والمرتبك سياسيا وعسكريا وبيته الداخلي في حالة تصدع علينا أن نرفع من مستوى هذه التصدعات.

ما بعد “طوفان الاقصى” ويا ريت كان “طوفان القدس” ليس كما بعده، فلانفجار الكبير آتٍ، و”إسرائيل” إلى زوال قصر الزمن أم طال…

الدايم الله….

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

مأساة التوجيهي متى تنتهي؟!

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – حزنت كثيرا لأجل الصديق وزير التربية والتعليم الدكتور …